الأحكام كما تقام شبهة البعضية بسبب الرضاع مقام حقيقة البعضية في إثبات الحرمة دون سائر الأحكام ولو نظر إلى فرجها بشهوة تثبت به الحرمة عندنا استحسانا وفي القياس لا تثبت وهو قول بن أبي ليلى والشافعي رحمهما الله تعالى لأن النظر كالتفكر إذ هو غير متصل بها إلا ترى أنه لا يفسد به الصوم وإن اتصل به الإنزال ولأن النظر لو كان موجبا للحرمة لاستوى فيه النظر إلى الفرج وغيره كالمس عن شهوة ولكنا تركنا القياس بحديث أم هانئ رضي الله تعالى عنها أن النبي قال من نظر إلى فرج امرأة بشهوة حرمت عليه أمها وابنتها وعن عمر رضي الله تعالى عنه أنه جرد جارية ثم نظر إليها ثم استوهبها منه بعض بنيه فقال أما أنها لا تحل لك وفي الحديث ملعون من نظر إلى فرج امرأة وابنتها ثم النظر إلى الفرج بشهوة نوع استمتاع لأن النظر إلى المحل إما لجمال المحل أو للاستمتاع وليس في ذلك الموضع جمال ليكون النظر لمعنى الجمال فعرفنا أنه نوع استمتاع كالمس بخلاف النظر إلى سائر الأعضاء ولأن النظر إلى الفرج لا يحل إلا في الملك بمنزلة المس عن شهوة بخلاف النظر إلى سائر الأعضاء ثم معنى الشهوة المعتبرة في المس والنظر أن تنتشر به الآلة أو يزداد انتشارها فأما مجرد الاشتهاء بالقلب غير معتبر ألا ترى أن هذا القدر يكون من الشيخ الكبير الذي لا شهوة له والنظر إلى الفرج الذي تتعلق به الحرمة هو النظر إلى الفرج الداخل دون الخارج وإنما يكون ذلك إذا كانت متكثة أما إذا كانت قاعدة مستوية أو قائمة لا تثبت الحرمة بالنظر ثم حرمة المصاهرة بهذه الأسباب تتعدى إلى آبائه وإن علوا وأبنائه وإن سفلوا من قبل الرجال والنساء جميعا وكذلك تتعدى إلى جداتها وإلى نوافلها لما بينا أن الأجداد والجدات بمنزلة الآباء والأمهات والنوافل بمنزلة الأولاد فيما تنبني عليه الحرمة وذلك كله مروي عن إبراهيم النخعي رحمه الله تعالى وعلى هذا إذا جامع الرجل أم امرأته حرمت عليه امرأته نقل ذلك عن أبي بن كعب رضي الله عنه وكان المعني فيه أن الحرمة بسبب المصاهرة مثل الحرمة بالرضاع والنسب وذلك كما يمنع ابتداء النكاح يمنع بقاء النكاح فكذلك هذا يمنع بقاء النكاح كما يمنع ابتداءه .
( قال ) ( رجل له أربع نسوة فطلق واحدة منهن بعد ما دخل بها ثلاثا أو واحدة بائنة أو خلعها لم يجز له أن يتزوج أخرى ما دامت في العدة ) لأن حرمة ما زاد على الأربع كحرمة الأختين فكما أن هناك العدة تعمل على حقيقة النكاح في المنع فكذا هنا فإن قال أخبرتني أن عدتها قد انقضت فإن كان ذلك