كما قال تناكحوا تناسلوا تكثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة وسببه تعلق البقاء المقدور به إلى وقته فإن الله تعالى حكم ببقاء العالم إلى قيام الساعة وبالتناسل يكون هذا البقاء وهذا التناسل عادة لا يكون إلا بين الذكور والإناث ولا يحصل ذلك بينهما إلا بالوطء فجعل الشرع طريق ذلك الوطء النكاح لأن في التغالب فسادا وفي الإقدام بغير ملك اشتباه الأنساب وهو سبب لضياع النسل لما بالإناث من بني آدم من العجز عن التكسب والإنفاق على الأولاد فتعين الملك طريقا له حتى يعرف من يكون منه الولد فيوجب عليه نفقته لئلا يضيع وهذا الملك على ما عليه أصل حال الآدمي من الحرية لا يثبت إلا بطريق النكاح فهذا معنى قولنا إنه تعلق به البقاء المقدور به إلى وقته ثم هذا العقد مسنون مستحب في قول جمهور العلماء رحمهم الله تعالى وعند أصحاب الظواهر واجب لظاهر الأمر به في الكتاب والسنة ولما روي أن النبي قال لعكاف بن خالد ألك امرأة فقال لا فقال تزوج فإنك من إخوان الشياطين وفي رواية إن كنت من رهبان النصارى فالحق بهم وإن كنت منا فتزوج فإن المهاجر من أمتي من مات وله زوجة أو زوجتان أو ثلاث زوجات ولأن التحرز من الزنى فرض ولا يتوصل إليه إلا بالنكاح وما لا يتوصل إلى الفرض إلا به يكون فرضا وحجتنا أن النبي ذكر أركان الدين من الفرائض وبين الواجبات ولم يذكر من جملتها النكاح وقد كان في الصحابة رضي الله عنهم من لم يتزوج ولم ينكر عليه رسول الله ذلك والصحابة رضي الله عنهم فتحوا البلاد ونقلوا ما جل ودق من الفرائض ولم يذكروا من جملتها النكاح وكما يتوصل بالنكاح إلى التحرز عن الزنى يتوصل بالصوم إليه قال يا معشر الشبان عليكم بالنكاح فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء وتأويل ما روي في حق من تتوق نفسه إلى النساء على وجه لا يصبر عنهن وبه نقول إذا كان بهذه الصفة لا يسعه ترك النكاح فأما إذا لم يكن بهذه الصفة فالنكاح سنة له قال ثلاث من سنن المرسلين النكاح والتعطر وحسن الخلق وقال النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني أي ليس على طريقتي .
ولهذا قال علماؤنا رحمهم الله تعالى النكاح أفضل من التخلي لعبادة الله في النوافل .
وقال الشافعي رحمه الله تعالى التخلي لعبادة الله تعالى أفضل إلا أن تتوق نفسه إلى النساء ولا يجد الصبر على التخلي لعبادة الله واستدل