أسفل من الكعبين ليصير في معنى النعلين وفسر هشام عن محمد رحمهما الله تعالى الكعب في هذا الموضع بالمفصل الذي في وسط القدم عند معقد الشراك وعلى هذا قال المتأخرون من مشايخنا لا بأس للمحرم بأن يلبس المشك لأنه لا يستر الكعب فهو بمنزلة النعلين فإن لبس القميص والقلنسوة والقباء والسراويل يوما إلى الليل فعليه دم واحد لأن جنس الجناية واحد والمقصود واحد وهو الاستمتاع بلبس المخيط فعليه دم واحد كما لو حلق رأسه كله وكذلك إن غطى وجهه يوما فعليه دم وقد بينا فيما سبق أنه ليس للمحرم أن يغطي وجهه ولا رأسه عندنا خلافا للشافعي رحمه الله تعالى وقد ورد الأثر بالنهي عن تغطية اللحية في الإحرام لأنه من الوجه فعرفنا أنه لا يغطي وجهه .
( قال ) ( ولا بأس بأن يلبس الهميان والمنطقة يشد بها حقويه فيها نفقته ) هكذا روى عن عائشة رضي الله عنها أنها سئلت هل يلبس المحرم الهميان فقالت استوثق من نفقتك بما شئت وفي حديث بن عباس رضي الله عنهما عن النبي أنه لم ير للمحرم بأسا بأن يعقد الهميان على وسطه وفيه نفقته .
وكان مالك رحمه الله تعالى يقول إن كان فيه نفقته فلا بأس وإن كان فيه نفقة غيره كرهت له ذلك لأنه لا حاجة إلى حمل نفقة غيره ولكنا نقول جواز لبس الهميان والمنطقة باعتبار أنه ليس في معنى لبس المخيط وفي هذا يستوي نفقته ونفقة غيره وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه كره للمحرم لبس المنطقة المتخذة من الإبريسم فقيل لأنه في معنى المخيط وقيل هو بناء على أصل أبي يوسف رحمه الله تعالى في كراهة ما قل من الحرير وكثر للرجال .
( قال ) ( ويتوشح المحرم بالثياب ولا يعقد على عنقه ) لأنه إذا عقده لا يحتاج في حفظه على نفسه إلى تكلف فكان في معنى لبس المخيط وكذلك قالوا إذا ائتزر فلا ينبغي له أن يعقد إزاره على نفسه بحبل أو غيره فقد روي أن النبي رأى رجلا قد شد فوق إزاره حبلا فقال ألق ذلك الحبل ويلك وكذلك يكره له أن يخل رداءه بخلال لأنه لا يحتاج إلى تكلف في حفظه على نفسه ولكنه مع هذا لو فعل لا شيء عليه لأن المحظور عليه الاستمتاع بلبس المخيط ولم يوجد ذلك .
( قال ) ( ويكره له أن يعصب رأسه فإن فعل يوما إلى الليل فعليه صدقة ) لأنه غطى بعض رأسه بالعصابة وهو ممنوع من تغطية الرأس إلا أن ما غطى به جزء يسير من رأسه فتكفيه الصدقة لعدم تمام جنايته وإن عصب شيئا من جسده من علة أو غير علة فلا شيء عليه