بمنزلة ما لو قتل صيدا مملوكا في الحرم .
( قال ) ( وإن قطع رجلان شجرة من شجر الحرم فعليهما قيمة واحدة على قياس صيد الحرم إذا قتله رجلان إلا أن هنا يستوي إن كانا محرمين أو حلالين بخلاف صيد الحرم ) لأن حرمة الصيد في حق المحرم بسبب الإحرام فيتكامل على كل واحد منهما فأما حرمة الشجرة بسبب الحرم لأن الإحرام لا يمنع قطع الشجرة فلهذا كان المحرم والحلال في ذلك سواء ويكون الواجب على كل واحد منهما نصف القيمة ولا يجزئ فيه الصيام إنما يهدى أو يطعم على قياس ما بينا في صيد الحرم في حق الحلال .
( قال ) ( ولا أحب له أن ينتفع بتلك الشجرة التي أدى قيمتها ) لأنه لو أبيح له ذلك لتطرق الناس إلى مثله فلا تبقى أشجار الحرم وفي ذلك إيحاش صيد الحرم ولكنه لو انتفع بها فلا شيء عليه لأن المقطوع صار مملوكا له بما غرم من القيمة وليس للمقطوع حرمة الحرم بعد القطع فلا شيء عليه في الانتفاع ألا ترى أنه لو ذبح صيد الحرم ثم تناوله بعد ما أدى الجزاء لم يلزمه بالتناول شيء فهذا مثله فإن غرسها فنبتت فله أن يقطعها ويصنع بها ما شاء لأن المقطوع ملكه وهو الذي أنبته وقد بينا أن ما ينبته الناس لا يثبت فيه حرمة الحرم .
( قال ) ( وما تكسر من شجر الحرم ويبس حتى سقط فلا بأس بالانتفاع به ) لأن ثبوت الحرمة بسبب الحرم بما يكون ناميا فيه حياة مثله والمتكسر وما يبس ليس فيه معنى النمو فلا بأس بالانتفاع به .
( قال ) ( ولا يختلي حشيش الحرم ولا يقطع إلا الأذخر ) فإنه بلغنا عن رسول الله أنه رخص فيه وإنما أراد به ما روي أن العباس رضي الله عنه لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يختلى خلاها ولا يعضد شوكها قال إلا الأذخر يا رسول الله فإنها لقبورهم وبيوتهم أو لبيوتهم وقبورهم فقال إلا الأذخر وتأويل هذا أنه كان من قصده أن يستثني إلا أن العباس سبقه لذلك أو كان أوحى إليه أن يرخص فيما يستثنيه العباس رضي الله عنه وكما لا يرخص في قطع الحشيش في الحرم بالمنجل فكذلك لا يرخص في رعي الدواب في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى لا بأس بالرعي لأن الذين يدخلون الحرم للحج أو العمرة يكونون على الدواب ولا يمكنهم منع الدواب من رعي الحشيش ففي ذلك من الحرج ما لا يخفى فيرخص فيه لدفع الحرج وعلى قول بن أبي ليلى رحمه الله تعالى لا بأس بأن يحتش ويرعى لأجل البلوى والضرورة فيه فإنه يشق على الناس حمل علف الدواب من خارج الحرم ولكن أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى استدلا بقوله