الله تعالى عليه جزاء كل صيد لأنه مرتكب محظور الإحرام بقتل كل صيد فيلزمه جزاؤه كما لو لم يقصد رفض الإحرام وهذا لأن قصده هذا ليس بشيء لأن إحرامه لا يرتفض بقتل الصيد فكان وجود هذا القصد كعدمه وهو بناء على أصله أن في وجوب الجزاء العبرة للمحل دون الفعل فلا معتبر بقصده إلى الرفض بفعله ولكنا نقول أن قتل الصيد من محظورات الإحرام وارتكاب محظورات العبادة يوجب ارتفاضها كالصوم والصلاة إلا أن الشرع جعل الإحرام لازما لا يخرج منه إلا بأداء الأعمال ألا ترى أنه حين لم يكن لازما في الابتداء كان يرتفض بارتكاب المحظور وكذلك الأمة إذا أحرمت بغير إذن مولاها أو المرأة إذا أحرمت بغير إذن زوجها بحجة التطوع لما لم يكن ذلك لازما في حق الزوج كان له أن يحللها بفعل شيء من المحظورات بها فكان هو في قتل الصيود هنا قاصدا إلى تعجيل الإحلال لا إلى الجناية على الإحرام وتعجيل الإحلال يوجب دما واحدا كما في حق المحصر بخلاف ما إذا لم يكن على قصد رفض الإحرام لأنه قصد الجناية على الإحرام بقتل كل صيد فيلزمه جزاء كل صيد وقد بينا أن حكم جزاء الصيد في حق المحرم ينبني على قصده حتى أن ضارب الفسطاط لا يكون ضامنا للجزاء بخلاف ناصب الشبكة .
( قال ) ( ولا يتصدق من جزاء الصيد على والده وولده بمنزلة الزكاة وصدقة الفطر فإنه مال وجب التصدق به لحق الله تعالى وإن أعطى منه ذميا أجزأه ) إلا أن في رواية عن أبي يوسف رحمه الله تعالى حيث كل صدقة واجبة لا يجوز صرفها إلى فقراء أهل الذمة وقد بينا هذه الفصول في كتاب الصوم فهو على ما ذكرناه ثمة .
( قال ) ( وإذا بلغ جزاء الصيد جزورا فهو أحب إلي من أن يشتري بقيمته أغناما ) لأن المندوب إليه التعظيم في الهدايا قال الله تعالى ! < ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب > ! فما كان أقرب إلى التعظيم فهو أولى وإن اشترى أغناما فذبحها وتصدق بها أجزأه على قياس سائر الهدايا نحو هدي الإحصار وهدي المتعة .
( قال ) ( وليس عليه أن يعرف بالجزور في جزاء الصيد ولا أن يقلده ) لأن سنة التقليد والتعريف فيما يكون نسكا وهذا دم كفارة فلا يسن فيه التعريف والتقليد وإن كان لو فعل ذلك لا يضره وعلى هذا هدي الأحصار والكفارات وكان المعنى فيه أن ما يكون نسكا فالتشهير فيه أولى ليكون باعثا لغيره على أن يفعل مثل ما فعله فأما ما يكون كفارة فسببه ارتكاب المحظور فالستر على نفسه في مثله أولى من التشهير قال من أصاب من هذه القاذورات شيئا فليستتر يستر الله