لها بسبب الحرم ولا شك أن ما يجب بقطع الأشجار يكون غرم المحل فكذلك ما يجب بقتل صيد الحرم يكون غرم المحل فكان هذا بغرامات المالية أشبه فكما لا مدخل للصوم في غرامات الأموال وإن كان وجوبها لحق الله تعالى كإتلاف مال الزكاة والعشر فكذلك لا مدخل للصوم في جزاء صيد الحرم يقرره وهو أنه لما أزال الأمن عن محل أمن لحق الله تعالى فيلزمه بمقابلته إثبات صفة الأمن عن الجوع للمسكين حقا لله تعالى وذلك بالإطعام يحصل دون الصيام فأما في صيد الإحرام لما كان الواجب لارتكابه فعلا محرما حقا لله تعالى يتأدى ذلك بفعل ما هو مأمور به حقا لله تعالى وهو الصيام وفي الهدي روايتان هنا في إحدى الروايتين يقول لا يتأدى الواجب بإراقة الدم بل بالتصدق باللحم حتى يشترط أن تكون قيمة اللحم بعد الذبح مثل قيمة الصيد فإن كان دون ذلك لا يتأدى الواجب به وكذلك إن سرق المذبوح لأنه لا مدخل لإراقة الدم في الغرامات وإنما المعتبر فيه التمليك من المحتاج وذلك يحصل في اللحم وفي الرواية الأخرى يقول يتأدى الواجب بإراقة الدم حتى إذا سرق المذبوح لا يلزمه شيء ويشترط أن تكون قيمته قبل الذبح مثل قيمة الصيد لأن الهدي مال يجب لله تعالى وإراقة الدم طريق صالح لجعل المال خالصا لله تعالى بمنزلة التصدق ألا ترى أن المضحي يجعل الأضحية خالصا لله تعالى بإراقة دمها فكذلك هنا .
( قال ) ( ومن دخل الحرم بصيد فعليه أن يرسله عندنا وقال الشافعي رحمه الله تعالى ليس عليه إرساله ) لأن الأمن بسبب الحرم يثبت لحق الشرع فإنما يثبت في المباح دون المملوك كالأشجار فإن ما ينبته الناس في الحرم لا يثبت فيه حرمة الحرم وقاس هذا بالاسترقاق فإن الإسلام يمنع الاسترقاق لحق الشرع ثم لا يزيل الرق الثابت قبله فكذا هذا ولكنا نقول حرمة الحرم في حق الصيد كحرمة الإحرام فكما أن الحرمة بسبب الإحرام تثبت في حق الصيد المملوك حتى يجب إرساله فكذلك الحرمة بسبب الحرم وليس هذا نظير الأشجار لأن ما ينبته الناس ليس بمحل لحرمة الحرم أصلا بمنزلة الأهلي من الحيوانات كالإبل والبقر والغنم فأما الصيد مملوكا كان أو غير مملوك فهو محل لثبوت الأمن له بسبب الحرم فإن باع الصيد بعد ما أدخله الحرم كان البيع فاسدا يرد إن كان الصيد قائما وإن كان فائتا فعليه جزاؤه لأن حرمة الحرم في الصيد مانعة من بيعه كحرمة الإحرام .
( قال ) ( رجل أدخل الحرم بازيا أو صقرا فعليه إرساله ) لأنه صيد ممتنع فيثبت فيه الأمن بسبب الحرم فعليه إرساله كما لو أخذه في الحرم