ذلك يسقط إذا لم يبق للفعل أثر في المحل فكذا هنا وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى يلزمه صدقة باعتبار ما أوصل من الألم إلى الصيد لأن باندمال الجراحة لم يتبين أن الألم لم يصل إليه .
وقد روي عن أبي يوسف رحمه الله تعالى اعتبار الألم أيضا في الجناية على حقوق العباد حتى أوجب على الجاني ثمن الدواء وأجرة الطبيب إلى أن تندمل الجراحة .
( قال ) ( ولا ينبغي للحلال أن يعين المحرم على قتل الصيد ) لأن فعل المحرم معصية والإعانة على المعصية معصية فقد سمى رسول الله المعين شريكا ولأن الواجب عليه أن يأمره بالمعروف وينهاه عن التعرض للصيد فإذا اشتغل بالإعانة فقد أتى بضد ما هو واجب عليه فكان عاصيا فيه ولكن ليس عليه شيء سوى الاستغفار لأن الاصطياد ليس بحرام عليه إنما المحرم عليه الإعانة على المعصية وذلك موجب للتوبة .
( قال ) ( وكذلك لا ينبغي له أن يشتريه منه ) لأن بيعه حرام على المحرم ولأن في امتناعه عن الشراء زجرا للمحرم عن اصطياده فإنه تقل رغبته في الاصطياد إذا علم أنه لا يشترى منه الصيد وسواء أصاب المحرم الصيد عمدا أو خطأ فعليه الجزاء عندنا وهو قول عمر وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم ( وقال بن عباس رضي الله عنهما ليس على المحرم في قتل الصيد خطأ جزاء لظاهر قوله تعالى ! < ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم > ! الآية 95 فالتقييد بالعمدية لإيجاب الجزاء يمنع وجوبه على المخطىء ) ولكنا نقول هذا ضمان يعتمد وجوبه الإتلاف فيستوي فيه العامد والخاطىء كغرامات الأموال وهذه كفارة تجب جزاء للفعل فيكون واجبا على المخطىء كالكفارة بقتل المسلم وهذا لأن الله تعالى حرم على المحرم قتل الصيد مطلقا وارتكاب ما هو محرم بسبب الإحرام موجب للجزاء عمدا كان أو خطأ فأما تقييده بالعمد في الآية فليس لأجل الجزاء بل لأجل الوعيد المذكور في آخر الآية بقوله عز وجل ليذوق وبال أمره إلى قوله ومن عاد فينتقم الله منه وهذا الوعيد على العامد دون المخطىء ثم ذكر العمد هنا للتنبيه لأن الدلالة قد قامت على أن صفة العمدية في القتل مانعة من وجوب الكفارة لتمحض الحظرية فذكره الله هنا حتى يعلم أنه لما وجبت الكفارة هنا إذا كان الفعل عمدا وجب إذا كان خطأ بطريق الأولى وكذلك إن كان هذا القتل أول ما أصاب أو أصاب قبله شيئا فعليه الجزاء في الوجهين جميعا .
وكان بن عباس رضي الله عنه يقول يجب الجزاء على المبتدئ بقتل الصيد فأما العائد إليه لا يلزمه الجزاء ولكن يقال له اذهب فينتقم الله منك لظاهر قوله تعالى ! < ومن عاد فينتقم الله منه > ! 95 ولكنا نقول