فيه يد محترمة ووجوب الضمان له على القاتل باعتبار أحد هذين المعنيين ولأنه بالقتل لزمته كفارة يفتي بها ويخرج بالصوم منها فلو رجع عليه إنما يرجع بضمان المالية ويطالب به ويحبس به ولا يجوز له أن يرجع عليه بأكثر مما لزمه وحجتنا في ذلك أن اليد على هذا الصيد كانت يدا معتبرة لحق الآخذ لأنه يتمكن به من الإرسال وإسقاط الجزاء به عن نفسه والقاتل يصير مفوتا عليه هذه اليد فيكون ضامنا له وإن لم يملكه الآخذ كغاصب المدبر إذا قتله إنسان في يده يدل عليه أنه قرر عليه ما كان على شرف السقوط وذلك سبب مثبت للرجوع عليه كشهود الطلاق إذا رجعوا قبل الدخول والذي قال يفتي به ويخرج عنه بالصوم فذلك ليس لمعنى راجع إلى نفس الحق بل لمعنى ممن له الحق فإن حقوق الله تعالى على عباده بطريق الفتوى والخروج عنه بالصوم لأن الله تعالى غني عن مال عباده إنما يطلب منهم التعظيم لأمره ومثل هذا التفاوت لا يمنع الرجوع كالأب إذا غصب مدبر ابنه فغصبه منه آخر ثم أن الابن ضمن أباه رجع الأب على الغاصب منه وإن كان هو لا يحبس فيما لزمه لابنه ويكون له أن يحبس الغاصب منه فيما يطالبه به .
( قال ) ( ولو أحرم وفي يده ظبي فعليه أن يرسله ) لأن استدامة اليد عليه بعد الإحرام بمنزلة الإنشاء فإن اليد مستدامة وكما أن إنشاء اليد متلف معنى الصيدية فيه فالاستدامة كذلك .
( قال ) ( فإن أرسله إنسان من يده فعلى المرسل قيمته في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لذي اليد وهو القياس وعلى قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى لا شيء عليه استحسانا ) وهو نظير اختلافهم فيمن أتلف على غيره شيئا من المعازف فأبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى قالا فعله أمر بالمعروف ونهي عن المنكر لأنه مأمور شرعا بإرساله فإذا كان ذلك مما يلزمه شرعا ففعل ذلك غيره لا يكون مستوجبا للضمان كمن أراق خمر مسلم وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول الصيد قبل الإحرام كان ملكا له متقوما ولم يبطل ذلك بالإحرام .
ألا ترى أن الصيد لو كان في بيته بقي مملوكا متقوما على حاله فالذي أرسله من يده أتلف عليه ملكا متقوما فيضمن له بخلاف إراقة الخمر على المسلم ثم الواجب عليه رفع يده ولو رفع بنفسه يرفعه على وجه لا يفوت ملكه بعد ما يحل من إحرامه فإذا فوت هذا المرسل ملكه فقد زاد على ما يحق عليه فعله فيكون ضامنا له وهذا طريقه أيضا في إتلاف المعازف وفرق بين هذا وبين ما إذا أخذ الصيد وهو محرم فقال هناك لم يملكه بالأخذ فالمرسل لا يكون