ولكنه استحسن لقوله عرفتكم يوم تعرفون وفي رواية حجكم يوم تحجون والحاصل أنهم بعد ما وقفوا بيوم إذا جاء الشهود ليشهدوا أنهم رأوا الهلال قبل ذلك لا ينبغي للقاضي أن يستمع إلى هذه الشهادة ولكنه يقول قد تم للناس حجهم ولا مقصود في شهادتهم سوى ابتغاء الفتنة فإن جاؤوا فشهدوا عشية عرفة فإن كان بحيث يتمكن فيه الناس من الخروج إلى عرفات قبل طلوع الفجر قبل شهادتهم وأمر الناس بالخروج ليقفوا في وقت الوقوف وإن كان بحيث لا يتمكن من ذلك لا يستمع إلى شهادتهم ويقف الناس في اليوم الثاني ويجزئهم .
( قال ) ( وإن جامع القارن بعرفة قبل زوال الشمس وقد طاف لعمرته فعليه دمان ويفرغ من حجته وعمرته وعليه قضاء الحج ) وهنا فصول ( أحدها ) في المفرد بالحج إذا جامع قبل الوقوف يفسد حجه لقوله تعالى ! < فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج > ! فهو دليل على المنافاة بين الحج والجماع فإذا وجد الجماع فسد الحج وعليه المضي في الفاسد والقضاء من قابل على هذا اتفق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه من شرع في الإحرام لا يصير خارجا عنه إلا بأداء الأعمال فاسدا كان أو صحيحا وعليه دم عندنا وعند الشافعي رحمه الله تعالى عليه بدنة بمنزلة ما لو جامع بعد الوقوف ولكنا نقول هذا الدم لتعجيل هذا الإحلال والشاة تكفي فيه كما في المحصر وجزاء فعله هنا وجوب القضاء عليه لأنه أهم ما يجب في الحج فلا يجب معه كفارة أخرى فأما إذا جامع بعد الوقوف بعرفة لا يفسد حجه عندنا ولكن يلزمه بدنة ويتم حجه وعلى قول الشافعي رحمه الله تعالى إذا جامع قبل الرمي يفسد حجه لأن إحرامه قبل الرمي مطلق ألا ترى أنه لا يحل له شيء مما هو حرام على المحرم والجماع في الإحرام المطلق مفسد للنسك كما قبل الوقوف بعرفة بخلاف ما بعد الرمي فقد جاء أوان التحلل وحل له الحلق الذي كان حراما قبل على المحرم والحجة لنا في ذلك حديث بن عباس رضي الله تعالى عنه قال إذا جامع قبل الوقوف فسد نسكه وعليه بدنة وإذا جامع بعد الوقوف فحجته تامة وعليه دم وقال الحج عرفة فمن وقف بعرفة فقد تم حجه وبالاتفاق لم يرد التمام من حيث أداء الأفعال فقد بقي عليه بعض الأركان وإنما أراد به الإتمام من حيث أنه يأمن الفساد بعده وهو المعنى الفقهي أن بالوقوف تأكد حجه ألا ترى أنه يأمن الفوات بعد الوقوف فكما يثبت حكم التأكد في الأمن من الفوات فكذلك في الأمن من الفساد فأما قبل الوقوف حجه غير متأكد ألا ترى أنه