بعد هذا قولهما لأنه أطلق الجواب وهنا نص على قول أبي حنيفة وقيل بل فيه روايتان عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى في إحدى الروايتين جعلها كالجمعة في اشتراط الجماعة فيها وفي الرواية الأخرى فرق بينهما فقال اشتراط الجماعة هناك لتسمية تلك الصلاة جمعة وفي هذا الموضع إنما سمى هاتين الصلاتين الظهر والعصر وليس في هذا الاسم ما يدل على اشتراط الجماعة ومعنى الجمع هنا منصرف إلى الصلاتين لا إلى المؤدين لهما فلا تشترط الجماعة فيهما .
( قال ) ( وليس في هاتين الصلاتين القراءة جهرا إلا على قول مالك رحمه الله تعالى فإنه يقول يجهر بالقراءة فيها ) لأنها صلاة مؤداة بجمع عظيم فيجهر فيها بالقراءة كالجمعة والعيدين ولكنا نقول أن رواة نسك رسول الله لم ينقلوا أنه جهر في هاتين الصلاتين بالقراءة وهما يؤديان في هذا المكان كما يؤديان في غيره من الأمكنة وفي غير هذا اليوم فلا يجهر بالقراءة فيهما عملا بقوله صلاة النهار عجماء أي ليس فيها قراءة مسموعة .
( قال ) ( وإن خطب قبل الزوال أو ترك الخطبة وصلى الصلاتين معا أجزأه ) وقد أساء في تركه الاقتداء برسول الله فإن الخطبة ليس من شرائط هذا الجمع بخلاف الجمعة وقد بينا ذلك فهذه خطبة وعظ وتذكير وتعليم لبعض ما يحتاج إليه في الوقت فتركها لا يوجب إلا الإساءة كترك الخطبة في العيدين .
( قال ) ( وإن كان يوم غيم فاستبان أنه صلى الظهر قبل الزوال والعصر بعده فالقياس أنه يعيد الظهر وحدها ) لأن العصر مؤداة في وقتها وحين أدى العصر ما كان ذاكرا للظهر فيكون في معنى الناسي والترتيب يسقط بالنسيان ولكن استحسن أن يعيد الخطبة والصلاتين جميعا لأن شرط صحة العصر في هذا اليوم تقديم الظهر عليه على وجه الصحة فإن العصر معجل على وقته وهذا التعجيل للجمع فإنما يحصل الجمع بأداء العصر إذا تقدم أداء الظهر بصفة الصحة فإذا تبين أن الظهر لم يكن صحيحا كان عليه إعادة الصلاتين جميعا .
( قال ) ( وإن أحدث الإمام بعد الخطبة قبل أن يدخل في الصلاة فأمر رجلا قد شهد الخطبة أو لم يشهد أن يصلي بهم أجزأهم ) لأن الخطبة ليست من شرائط هذا الجمع .
( قال ) ( وإن تقدم رجل من الناس بغير أمر الإمام فصلى بهم الصلاتين جميعا لم يجزهم في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ) لأن هذا الإمام شرط هذا الجمع عنده .
( قال ) ( وإن مات الإمام فصلى بهم خليفته أو ذو سلطان أجزأهم ) لأن خليفته قائم مقامه فهو بمنزلة ما لو صلى الإمام بنفسه وإن لم يكن فيهم ذو سلطان صلى كل صلاة لوقتها