الرمي أو حلق قبل الذبح فعليه دم عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعندهما لا يلزمه الدم بالتقديم والتأخير .
وحجتهما في ذلك حديث بن عباس رضي الله عنه أن رجلا قال لرسول الله يوم النحر حلقت قبل أن أرمي فقال إرم ولا حرج وقال آخر حلقت قبل أن أذبح فقال اذبح ولا حرج وما سئل عن شيء يومئذ قدم أو أخر إلا قال افعل ولا حرج فدل أن التقديم والتأخير لا يوجب شيئا ولأبي حنيفة رحمه الله تعالى حديث بن مسعود رضي الله عنه قال من قدم نسكا على نسك فعليه دم وتأويل الحديث المرفوع أن النبي عذرهم في ذلك الوقت لقرب عهدهم بتعلم الترتيب وما يلحقهم من المشقة في مراعاة ذلك ومعنى قوله افعل ولا حرج أي لا حرج فيما تأتي به وبه يقول وإنما الدم عليه بما قدمه على وقته والمعنى فيه أن توقت النسك بزمان كتوقته بالمكان لأنه لا يتأدى النسك إلا بمكان وزمان ثم ما كان مؤقتا بالمكان إذا أخره عن ذلك المكان يلزمه الدم كالإحرام المؤقت بالميقات إذا أخره عنه بأن جاوز الميقات حلالا ثم أحرم فكذلك ما كان مؤقتا بالزمان وهو طواف الزيارة الذي هو مؤقت بأيام النحر بالنص إذا أخره قلنا يلزمه الدم وهذا لأن مراعاة الوقت في الأركان واجب كمراعاة المكان ألا ترى أن الوقوف لا يجوز في غير وقته كما لا يجوز في غير مكانه فبتأخر الطواف عن وقته يصير تاركا لما هو واجب وترك الواجب في الحج يوجب الجبر بالدم ثم الأصل بعد هذا أن أكثر أشواط الطواف بمنزلة الكل في حكم التحلل به عن الإحرام عندنا وكذلك في حكم الطهارة وغيرها من الأحكام .
وعند الشافعي رحمه الله تعالى لا يقوم الأكثر مقام الكمال بناء على أصله في اعتبار الطواف بالصلاة فكما أن أكثر عدد ركعات الصلاة لا يقوم مقام الكمال فكذلك أشواط الطواف لا تقوم مقام الكمال وهذا لأن تقدير الطواف بسبعة أشواط ثابت بالنصوص المتواترة فكان كالمنصوص عليه في القرآن وما يقدر شرعا بقدر لا يكون لما دون ذلك القدر حكم ذلك القدر كما في الحدود وغيرها .
ولنا أن المنصوص عليه في القرآن الطواف بالبيت وهو عبارة عن الدوران حوله ولا يقتضي ظاهره التكرار إلا أنه ثبت عن رسول الله قولا وفعلا تقدير كمال الطواف بسبعة أشواط فيحتمل أن يكون ذلك التقدير للإتمام ويحتمل أن يكون للاعتداد به فيثبت منه القدر المتيقن وهو أن يجعل ذلك شرط الإتمام ولئن كان شرط الاعتداد يقام الأكثر فيه مقام الكمال .
لترجح جانب