ومنع المحدث من وجه واحد فلتفاحش النقصان هنا قلنا يلزمه الجبر بالبدنة وهو مروي عن بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال البدنة في الحج تجب في شيئين على من طاف جنبا وعلى من جامع بعد الوقوف وإن أعاد طوافه سقطت عنه البدنة واختلف مشايخنا رحمهم الله تعالى أن المعتبر طوافه الثاني أم الأول وكان الكرخي رحمه الله تعالى يقول المعتبر هو الأول والثاني جبر للأول وكان يستدل على هذا بما قال في الكتاب إنه لو طاف لعمرته جنبا في رمضان ثم أعاد طوافه في أشهر الحج وحج من عامه ذلك لا يكون متمتعا فلو كان المعتبر هو الطواف الثاني كان متمتعا ووجه هذا القول أن المعتد به ما يتحلل به من الإحرام والتحلل حصل بالطواف الأول فهو المعتد به والثاني جبر للنقصان المتمكن فيه كالبدنة وكما لو كان محدثا في الطواف الأول كان هو المعتد به والثاني جبرا للنقصان والأصح أن المعتد به هو الثاني وأن الأول ينفسخ بالثاني ألا ترى أنه قال في الكتاب لو طاف للزيارة جنبا في أيام النحر ثم أعاد طوافه بعد أيام التشريق فعليه الدم عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لتأخير طواف الزيارة عن وقته ولو كان المعتد به هو الأول لم يلزمه دم التأخير لأن الأول مؤدى في وقته وأما مسألة التمتع فلأنه بما أدى من الطواف في رمضان وقع له إلا من عن فساد العمرة فإذا أمن فسادها قبل دخول وقت الحج لا يكون بها متمتعا وهذا لأن الأول كان حكمه مراعى لتفاحش النقصان فإن أعاده انفسخ الأول وصار المعتد به هو الثاني وإن لم يعد كان معتدا به في التحلل كمن قام في صلاته ولم يقرأ حتى ركع كان قيامه وركوعه مراعى على سبيل التوقف فإن عاد فقرأ ثم ركع انفسخ الأول حتى أن من أدرك معه الركوع الثاني كان مدركا للركعة وإن لم يعد وقرأ في الركعتين الأخريين كان الأول معتدا به وهذا بخلاف المحدث لأن النقصان هناك يسير فلا يتوقف به حكم الطواف الأول بل بقي معتدا به على الإطلاق فكان الثاني جابرا للنقصان المتمكن فيه وعلى هذا لو طافت المرأة للزيارة حائضا فهذا والطواف جنبا سواء ولو طاف للزيارة وفي ثوبه نجاسة كان مسيئا ولا يلزمه شيء لأن حكم النجاسة في الثوب أخف ألا ترى أن الصلاة مع قليل النجاسة في الثوب تجوز وكذلك مع النجاسة الكثيرة في حالة الضرورة فلا يتمكن بنجاسة الثوب نقصان في طوافه وهذا بخلاف ما إذا طاف عريانا فإنه يؤمر بالإعادة وإن لم يعد فعليه الدم لأن ستر العورة من واجبات الطواف والكشف محرم لأجل الطواف على ما قال ألا لا يطوفن