لم يسق الهدي إلا أنه إن لم يطف بعد الإحرام بالحج رمل في طواف يوم النحر وإن كان طاف بعد الإحرام بالحج وسعى لم يرمل في طواف يوم النحر ولم يطف بين الصفا والمروة .
( قال ) ( ولا يدع الحلق في جميع ذلك ملبدا أو مضفرا أو عاقصا ) والتلبيد أن يجمع شعر رأسه على هامته ويشده بصمغ أو غيره حتى يصير كاللبد والتضفير أن يجعل شعره ضفائر والعقص هو الإحكام وهو أن يشد شعره حول رأسه وقد بينا أن الحلق أفضل ولا يدع ما هو الأفضل بشيء من هذه الأسباب وقد لبد رسول الله رأسه كما روينا من قوله ولبدت رأسي ومع ذلك حلق .
( قال ) ( والمرأة بمنزلة الرجل في جميع ما وصفناه ) لأنها مخاطبة كالرجل ألا ترى أن أم سلمة رضي الله عنها لما سألت رسول الله عن الاغتسال من الجنابة وصف لها حال نفسه في الاغتسال فدل أن حال الرجل والمرأة سواء غير أنها تلبس ما بدا لها من الدروع والقمصان والخمار والخف والقفازين لأنها عورة كما قال رسول الله المرأة عورة مستورة وفي لبس الإزار والرداء ينكشف بعض البدن عادة وهي مأمورة بأداء العبادة على أستر الوجوه كما بينا في الصلاة فلهذا تلبس المخيط والخفين وتغطي رأسها ولا تغطي وجهها لأن الرأس منها عورة وقد قال النبي إحرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها .
فعرفنا أنها لا تغطي وجهها إلا أن لها أن تسدل على وجهها إذا أرادت ذلك على وجه تجافي عن وجهها هكذا روي عن عائشة رضي الله عنها قالت كنا في الإحرام مع رسول الله نكشف وجوهنا فإذا استقبلنا قوم أسدلنا من غير أن نصيب وجوهنا ولا تلبس المصبوغ بورس ولا زعفران ولا عصفر إلا أن يكون قد غسل لأن ما حل في حقها من اللبس كان للضرورة ولا ضرورة في لبس المصبوغ وهي في ذلك بمنزلة الرجل ولأن هذا تزين وهي من دواعي الجماع وهي ممنوعة من ذلك في الإحرام كالرجل ولا حلق عليها إنما عليها التقصير هكذا روي عن رسول الله أنه نهى النساء عن الحلق وأمرهن بالتقصير عند الخروج من الإحرام ولأن الحلق في حقها مثلة والمثلة حرام وشعر الرأس زينة لها كاللحية للرجل فكما لا يحلق الرجل لحيته عند الخروج من الإحرام لا تحلق هي رأسها ولا رمل عليها في الطواف بالبيت ولا بين الصفا والمروة لأن الرمل لإظهار التجلد والقوة والمرأة ليست من أهل القتال لتظهر الجلادة من نفسها ولا يؤمن أن يبدو شيء