الدم جبرا والمفرد يؤدي كل نسك بصفة الكمال وأداء النسك بصفة الكمال يكون أفضل من إدخال النقصان والجبر فيها ومالك رحمه الله تعالى استدل بحديث عثمان رضي الله عنه أن النبي تمتع بالعمرة إلى الحج وعلماؤنا رحمهم الله تعالى استدلوا بحديث علي وبن مسعود وعمران بن الحصين رضي الله عنهم أن النبي قرن بين الحج والعمرة فطاف لهما طوافين وسعى سعيين .
وعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال كنت آخذ بزمام ناقة رسول الله وهي تقصع بجرتها ولعابها يسيل على كتفي وهو يقول لبيك بحجة وعمرة معا .
وأهل الحديث جمعوا رواة نسك رسول الله فكانوا ثلاثين نفرا فعشرة منهم تروي أنه كان قارنا وعشرة أنه كان مفردا وعشرة أنه كان متمتعا فنوفق بين هذه الروايات فنقول لبى رسول الله أولا بالعمرة فسمعه بعض الناس ثم رأوه بعد ذلك حج فظنوا أنه كان متمتعا فنقلوا كما وقع عندهم ثم لبى بعد ذلك بالحج فسمعه قوم آخرون فظنوا أنه كان مفردا بالحج ثم لبى بهما فسمعه قوم آخرون فعلموا أنه كان قارنا وكل نقل ما وقع عنده وهو نظير ما روينا من توفيق بن عباس رضي الله عنه في اختلاف الروايات في وقت تلبية رسول الله ثم لما وقع الاختلاف في فعله نصير إلى قوله وقد قال صلى الله عليه وسلم وأتاني آت من ربي وأنا بالعقيق فقال صل في هذا الوادي المبارك ركعتين وقل لبيك بحجة وعمرة معا وقال يا آل محمد أهلوا بحجة وعمرة معا ولأن في القران معنى الوصل والتتابع في العبادة ومعنى الجمع بين العبادتين وهو أفضل من إفراد كل واحد منهما كالجمع بين الصوم والاعتكاف والجمع بين الحراسة في سبيل الله تعالى مع صلوات الليل ولأن في القران زيادة نسك وهو إراقة دم الهدي وقد قال أفضل الحج العج والثج .
والثج إراقة الدم والكلام في الحقيقة ينبني على هذا الحرف فإن دم القران عنده دم جبر حتى لا يباح التناول منه وعندنا هو دم نسك يباح التناول منه والدليل على أنه دم نسك أنه يتوقف بأيام النحر كالأضحية ودم الجبر لا يتوقت به وإن سببه مباح محض ودم الجبر يستدعي سببا محظورا لأن النقصان إنما يتمكن بارتكاب ما لا يحل .
وقد تناول رسول الله من هداياه على ما روي أنه ساق مائة بدنة فنحر نيفا وستين بنفسه وولى الباقي عليا رضي الله عنه ثم أمر أن يؤخذ