بعرفة قال الحج عرفة ولكنا نستدل بحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه لبى عشية عرفة فقال له رجل يا شيخ ليس هذا موضع التلبية فقال بن مسعود رضي الله عنه أجهل الناس أم طال بهم العهد لبيك عدد التراب لبيك حججت مع رسول الله فما زال يلبي حتى رمى جمرة العقبة ولأن التلبية في هذه العبادة كالتكبير في الصلوات وكما يأتي بالتكبير إلى آخر الصلاة فكذلك يأتي بالتلبية هنا إلى وقت الخروج من الإحرام وذلك عند الرمي يكون .
( قال ) ( وإذا غربت الشمس دفع على هينته ) على هذا اتفق رواة نسك رسول الله أنه وقف بعرفة حتى إذا غربت الشمس دفع منها وروي أنه خطب عشية عرفة فقال أيها الناس إن أهل الجاهلية والأوثان يدفعون من عرفة قبل غروب الشمس إذا تعممت بها رؤوس الجبال كعمائم الرجال في وجوههم وإن هدينا ليس كهديهم فادفعوا بعد غروب الشمس فقد باشر ذلك وأمر به إظهارا لمخالفة المشركين فليس لأحد أن يخالف ذلك إلا أنه إن خاف الزحام فتعجل قبل الإمام فلا بأس به إذا لم يخرج من حدود عرفة قبل غروب الشمس وكذلك إن مكث قليلا بعد غروب الشمس وذهاب الإمام مع الناس لخوف الزحام فلا بأس به بعد أن لا يطوله لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها أنها بعد إفاضة الإمام دعت بشراب فأفطرت ثم أفاضت .
( قال ) ( ويمشى على هينته في الطريق ) هكذا قال رسول الله أيها الناس ليس البر في إيجاف الخيل ولا في إيضاع الإبل عليكم بالسكينة والوقار .
وروى جابر رضي الله تعالى عنه أن النبي كان يمشي على راحلته في الطريق على هينته حتى إذا كان في بطن الوادي أوضع راحلته وجعل يقول إليك تعدو قلقا وضينها مفارقا دين النصاري دينها معترضا في بطنها جنينها فزعم بعض الناس أن الإيضاع في هذا الموضع سنة ولسنا نقول به وتأويله أن راحلته كلت في هذا الموضع فبعثها .
فانبعثت كما هو عادة الدواب لا أن يكون قصده الايضاع .
( قال ) ( ولا يصلي المغرب في الطريق حتى يأتي المزدلفة ) لما روي أن أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنه كان رديف رسول الله في الطريق من المزدلفة فقال الصلاة يا رسول الله فقال عليه الصلاة والسلام الصلاة أمامك ومراده من هذا اللفظ إما الوقت أو المكان ولم