بالناس الظهر والعصر بأذان وإقامتين وكتب عبد الملك بن مروان إلى الحجاج أن لا يخالف بن عمر رضي الله عنه في شيء من أمر المناسك فلما زالت الشمس أتى بن عمر رضي الله عنه سرادقه فقال أين هذا فخرج الحجاج فقال إن أردت السنة فالساعة فقال انتظرني حتى أغتسل فانتظره فاغتسل وراح إلى المصلى والاغتسال في هذا الوقت بعرفات سنة فإن اكتفى بالوضوء أجزأه وإن اغتسل فهو أفضل كما عند الإحرام وكما في العيدين والجمعة ثم يخطب قبل الصلاة خطبتين بينهما جلسة كما في الجمعة والعيدين هكذا فعله رسول الله وهذا لأن المقصود تعليم الناس المناسك والجمع بين الصلاتين من المناسك فيقدم الخطبة عليه لتعليم الناس ولأنهم بعد الفراغ من الصلاة يتفرقون في الموقف ولا يجتمعون لاستماع الخطبة وفي ظاهر المذهب إذا صعد الإمام المنبر فجلس أذن المؤذن كما في الجمعة وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه يؤذن قبل خروج الإمام لأن هذا الأذان لأداء الظهر كما في سائر الأيام وهذا قوله الأول فإذا فرغ من الخطبة أقام المؤذن وصلى الإمام بالناس الظهر ركعتين إذا كان مسافرا ثم يقوم المؤذن فيقوم ثانية فيصلي بهم العصر من غير أن يتنفل بين الصلاتين هكذا رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه في صفة نسك رسول الله وهذا لأن تقديم العصر على وقته ليتوصل إلى الوقوف المقصود ولئلا ينقطع وقوفه فلأن لا يشتغل بالنافلة بين الصلاتين ليحصل هذا المقصود أولى وإنما يعيد الإقامة للعصر لأنه معجل على وقته المعهود فيعيد الإقامة له إعلاما للناس وإن اشتغل بالتطوع بين الصلاتين أعاد الأذان للعصر إلا في رواية بن سماعة عن محمد رحمهما الله تعالى أنه قال ما دام في وقت الظهر لا يعيد الأذان للعصر فأما في ظاهر الرواية فاشتغاله بالنفل أو بعمل آخر يقطع فور الأذان الأول فيعيد الأذان للعصر .
( قال ) ( وإن لم يدرك الجمع مع الإمام وأراد أن يصلي وحده صلى كل صلاة لوقتها في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعلى قول أبي يوسف ومحمد والشافعي رحمهم الله تعالى يجمع بينهما كما يفعل مع الإمام ) قال في الكتاب بلغنا ذلك عن عائشة وبن عمر رضي الله عنهم وعلل فقال لأن العصر إنما قدمت لأجل الوقت ومعنى هذا الكلام أن الجمع بين الصلاتين إنما جاز لحاجته إلى امتداد الوقوف فإن الموقف هبوط وصعود لا يمكن تسوية الصفوف فيها فيحتاجون إلى الخروج منها والاجتماع لصلاة العصر فينقطع وقوفهم وامتداد الوقوف إلى غروب الشمس واجب