وقال تعالى ! < وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم > ! وقال عز وجل ! < ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم > ! .
ثم حرم بالرضاع مثل هذا العدد الذي حرم بالنسب والصهر وثبوت الحرمة بسبب الرضاع منصوص في قوله تعالى ! < وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة > ! وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وزعم بعض العلماء رحمهم الله أن طريق معرفة هذه المحرمات النص خاصة ولو خلينا والقياس لم نقل بشيء من هذه المحرمات فإن الإناث خلقن للذكور وهذا محل النكاح باعتبار أنهن مكان حرث للولد وأن التناسل بين الذكور والإناث وبهذه الأسباب لا يختل هذا المعنى والأصح أن نقول هذه المحرمات ثابتة بالنص وهي مستحسنة في عقول العقلاء أيضا عند رفض العادات السيئة والعاقل يحرص على حماية أمه وابنته وأخته ودفع العار والشنار عنهما كما يحرص على دفع ذلك عن نفسه والمقصود بالنكاح الاستعراض للوطء والعاقل يأنف من ذلك الفعل في أمه وابنته كما يأنف من ذلك في نفسه ( ألا ترى ) أن الله تعالى أشار إلى ذلك في الأخبار عن الذين لم يعرفوا الشريعة وكانوا عقلاء فقال جل وعلا ! < وإذا بشر أحدهم بالأنثى > ! إلى قوله تعالى ! < أيمسكه على هون أم يدسه في التراب > ! فإذا كان يأنف من ذلك كيف يستجيز من نفسه أن يباشر فعله وكذا يأنف من ذلك في حق امرأة أبيه التي ربته وهي بمنزلة أمه باعتبار التربية وفي حق امرأة ابنه التي هي له بمنزلة الولد والمتولد منها يكون ولدا له وكذلك يأنف من ذلك باعتبار الرضاع الذي هو أحد سببي الكون فإن النشر والتسوية يحصل به ولهذا كانوا في الجاهلية يعظمون أمر الرضاع كما يعظمون أمر النسب ثم بسبب النسب تتمكن بينهما العصبية أو شبه العصبية وإليه أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله أولادنا أكبادنا وقال صلى الله عليه وسلم إن فاطمة بضعة مني إلا ما كان لآدم صلوات الله عليه وقد كان ذلك بطريق الكرامة لكون الأصل الأول واحدا كما قال تعالى ! < يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة > ! ثم شبهة التعصبية تعتبر بحقيقة العصبية وفي المصاهرة شبهه العصبية باعتبار الواسطة وفي الرضاعة شبهة العصبية باعتبار البنوة وإليه أشار صلى الله عليه وسلم في قوله الرضاع ما أنبت اللحم وانشر العظم ثم بين نوعا آخر من الحرمة فقال ومن ذلك ما حرم بالكفر قال الله تعالى ! < ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن > !