وقد أقامه المولى مقام نفسه في ذلك ولو زوج بنفسه أمته بمحضر من الشهود جاز فكذلك العبد إذا فعل ذلك وقال أبو حنيفة رحمه الله في رجل له جارية تخرج في حوائجه وهو يطؤها فحملت وولدت وسعه أن يدعيه وأن يبيعه معها وإن كان لا يدعها تخرج لم يسعه ذلك وإن كان يعزل عنها ولا يطلب ولدها لم يسعه ذلك إذا حبسها ومنعها من الخروج وهذا فيما بينه وبين ربه فأما في الحكم لا يلزمه النسب إلا بالدعوى إلا أنه إذا حصنها فالظاهر أن الولد منه سواء كان يعزل عنها أو لا يعزل فعليه الأخذ بالاحتياط والبناء على الظاهر وذكر عن علي رضي الله عنه أن رجلا أتاه فقال أن لي جارية أطؤها وأعزل عنها فجاءت بولد فقال علي رضي الله عنه نشدتك بالله هل كنت تعود إلى جماعها قبل أن تبول قال نعم فمنعه من أن ينفيه فهو عندنا على التي قد حصنت ومعنى هذا أنه يتوهم بقاء بعض المنى في إحليله فبالمعاودة يصل إليها إذا عاد في جماعها قبل البول ولهذا قال أبو حنيفة رحمه الله إذا أتى أهله واغتسل قبل أن يبول ثم سال منه بقية المنى يلزمه الاغتسال ثانيا وكذلك إن كان يعزل عنها فصب الماء من فوق فربما يعود إلى فرجها فتحبل به ولهذا لا يسعه نفي الولد والأصل فيه ما روى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه لما سئل عن العزل قال إذا أراد الله خلق نسمة من ماء فهو خالقها وإن صببتم ذلك على صخرة فاعزلوا أو لا تعزلوا وإذا غاب أحد المتفاوضين فأراد الثاني منهما أن يبطل الشركة فالحيلة له أن يرسل رسولا إليه بأنه قد فارقه ونقض ما بينهما من الشركة فإذا بلغ الرسول ذلك فقد انقضت الشركة بينهما لأن كل واحد منهما ينفرد بنقض الشركة بعد أن يكون ذلك بعلم صاحبه ليندفع الضرر عنه والغرر عن شريكه بذلك وعبارة الرسول في إعلامه كعبارة المرسل وهذا في كل عقد لا يتعلق به اللزوم نحو عزل الوكيل والحجر على العبد المأذون وفسخ المضاربة ونقض ولاء الموالاة إذا كان الأسفل غائبا فأراد الأعلى أن ينقض ولاءه أرسل إليه رسولا يبلغه عنه أنه قد نقض موالاته فيكون تبليغ الرسول إياه كتبليغ المرسل بنفسه وإن أراد ذلك الأسفل فله ذلك قبل أن يعقل عنه الأعلى وإن شاء فعل كذلك وإن شاء إلى غيره فيكون ذلك نقضا للموالاة مع الأول وقد بينا هذا في كتاب الولاء والله أعلم بالصواب