بهذه الصفة نظر منه للغائب وهو عاجز عن المطالبة بهذا النظر لغيبته فعليه أن ينظر له وفيه نظر للمدعي أيضا فربما يدعي الخصم عند القاضي المكتوب إليه أنه قد أوفاه المال ويطلب يمينه ومن رأى ذلك القاضي أن لا يقضي بالمال ما لم يحلف على قياس مسألة الغيب فيتعذر على وكيله استيفاء حقه فلهذا يستحلفه على ذلك ويكتب ذلك الاستحلاف في كتابه لأن تمام النظر فيه ولا يستحلف الطالب لقد شهدت شهودك بحق لأن الخصم لو كان حاضرا وطلب استحلافه على ذلك لم يجبه إلى ذلك بخلاف الأول فإن الخصم لو كان حاضرا وطلب يمينه ما أخذ من ماله شيئا أجابه القاضي إلى ذلك فإن كان قاضيا لا يجيز الكتاب إلا على ذلك يعني إن كان يرى رأى بن أبي ليلى في استحلاف الطالب لقد شهدت شهودك بحق فقال الطالب استحلفني واكتب لي بيميني استحلفه بالله لقد شهدت شهودك بحق فإن المال له على فلان ثم يكتب له وإنما يريد بهذا إذا كان القاضي المكتوب إليه يرى ذلك فإن في هذا الاستحلاف نظرا للطالب لأن الطالب يريد أن يبعث وكيلا ولا يحضر مجلس ذلك القاضي ليستحلفه فلا يحصل مقصوده إلا بهذا والقاضي مأمور بالنظر له فإذا طلب منه ما فيه نظر له أجابه القاضي إلى ذلك ولو أقام شاهدا واحدا وسأله أن يكتب شهادته وحاله فعل ذلك لأن فيه نظرا للطالب فربما يكون شاهده الآخر في البلد الذي فيه القاضي المكتوب إليه فلا يتمكن من الجمع بين شهادة الشاهدين في مجلسه إلا بهذا الطريق فيجيبه القاضي إلى ذلك حتى إذا ثبت الكتاب عنده وجاء بشاهده الآخر فشهد له قضى بحقه لتمام الحجة وإذا أسلمت مدبرة الذمي فاستسعت في قيمتها فعجزت عن السعاية فإن كان القاضي هو الذي قومها واستسعاها لم يردها وأجبرها على السعاية لأن السبب الموجب للقضاء قائم وهو إسلامها مع كفر المولى فلا يعتبر عجزها بمنزلة معتق البعض إذا استسعاه القاضي فيما بقي من قيمة الشريك الساكت فعجز عن ذلك وكذلك إن كان المولى هو الذي صالحها على ذلك إلا أن يكون فيه فضل على القيمة فيبطل القاضي الفضل ويجبرها على السعاية في القيمة والحاصل أن القاضي لا يشتغل بما لا يفيد ولا بنقص شيئا ليعيد مثله في الحال وإذا كان الصلح على مقدار القيمة فليس في نفس هذا الصلح فائدة لها فلا يشتغل القاضي به وإن كان فيه فضل على القيمة ففي نقضه فائدة لها وهو سقوط الزيادة عنها وعجزها يسقط عنها ما التزمت لمولاها باختيارها لعجز المكاتبة عن أداء بدل الكتابة فلهذا