بذلك فكان مطالبا به لأنه إضافة الكفالة إلى سبب الوجوب صحيح فإن رضي من الكفيل أن يحمله إلى المكان الذي تكارا إليه فحمله إليه وأنفق أكثر من الكراء لم يرجع الكفيل على المكاري إلا بالكراء الذي قبض من المستكرى لأنه ما ضمن عنه إلا ذلك القدر فهو في الزيادة متبرع فإن قيل كان ينبغي أن لا يرجع عليه بالكراء المقبوض أيضا لأنه ما نقد عنه الكراء وإنما أوفى عنه ما التزم من الحمل بعقد الإجارة والمكاري ما أمره أن يكفل عنه ذلك فكان هو في ايفاء ذلك بمنزلة متبرع أو كفيل بغير الأمر قلنا لا كذلك فإنه بما أوفى من الحمل أسقط عن نفسه ضمان الكراء كما أنه بأداء المقبوض يسقط عن نفسه ضمان الكراء ولا يكون متبرعا بل هو محتاج إليه ليسقط به الضمان عن نفسه ولما أمره بالكفالة بالكراء عنه فقد أقامه مقام نفسه في إيفاء ما التزمه فلا فرق بين أن يوفى عنه الكراء وبين أن يوفى بما التزمه من الحمل فإنه يسقط به مطالبة المستكري إياه في ذلك وإن مات المكاري ولم يحمله فعلى الكفيل أن يرد الكراء لأن بموت المكاري قد انفسخ العقد ولزمه رد المقبوض من الكراء فإنه كفل الكفيل بذلك وإذا استأجر الرجل الرجل أشهرا معلومة يؤدب ابنه ويقوم عليه في ذلك فهو جائز لأنه استأجره مدة معلومة لعمل معلوم بطريق العرف وهو عمل غير مستحق على المأدب إقامته دينا ولا دينا والاستئجار على مثله صحيح ببدل معلوم بخلاف تعليم القرآن فإنه يستحق عليه دينا لأنه في المعنى خلافة عن رسول الله وكل مسلم مأمور به دينا ولو استأجر رجلا ليجصص له حائطا أو ليطين له سطحا ولم يبين طينا ولا جصا معلوما فهو فاسد لأن جهالة ذلك تقضى إلى المنازعة المانعة من التسليم والتسلم فإن عمل الناس في ذلك مختلف وكل نوع منه متعارف فكان العمل المعقود عليه مجهولا فلهذا فسد العقد وله أجر مثله إن عمل لأنه أوفى العمل بحكم عقد فاسد فلا يلزمه جميع المسمى لأن المستأجر يقول أنا ما رضيت بجميع المسمى بهذا القدر من العمل فإن كان اشترط عليه أن يجعل غلظة من الجص أو الطين كذا فهو جائز لأن المعقود عليه صار معلوما ببيان الغلظة على وجه لا يقضي إلى تمكن المنازعة بينهما ولو استأجر رجلا ينقد له الدراهم كل ألف بكذا أو استأجره على كل شهر بكذا ينقد له فهو جائز لأن في الفصل الأول استأجره على عمل معلوم ببدل معلوم والاستئجار على ذلك متعارف بين الناس وهو الأصل في عقد الإجارة وفي الفصل الثاني عقد على منافع في مدة معلومة ببدل معلوم ليقيم بتلك المنافع عملا مقصودا