بالفضل وأشار في غير هذا الموضع إلى أنه لا يلزمه التصدق بالفضل لأن معنى الخبث ضعيف هنا والدراهم والدنانير في الحقيقة جنسان فبإعتبار الحقيقة ينعدم ربح ما لم يضمن لاختلاف الجنس ووجه ما ذكر هنا أن الدراهم والدنانير في الصورة جنسان وفي الحكم جنس واحد ( ألا ترى ) أن في شراء ما باع بأقل مما باع قبل نقد الثمن جعلا كجنس واحد فكذلك في الإجارة بأكثر مما استأجره يجعلان كجنس واحد لأن المعنى فيهما سواء وهو أن الربح يحصل لا على ضمانه وإن أجر بثوب قيمته أكثر من مائة لم يتصدق بشيء لأن جنس البدلين مختلف حقيقة وحكما فلا يتمكن فيه ربح ما لم يضمن لأن تمكن ربح ما لم يضمن إنما يكون بعد عود رأس المال إليه وإذا استأجر الرجل رجلا يحمل له دن خل فعثر الحمال فانكسر الحمل قد بينا في الإجارات أن الحمال أجير مشترك وإن هذا النوع من الإنكسار يكون بجناية يده فيكون ضامنا إلا على قول زفر رحمه الله وصاحب الدن بالخيار إن شاء ضمنه قيمته غير محمول ولا أجر عليه وإن شاء ضمنه قيمته محمولا إلى الموضع الذي انكسر فيه وأعطاه من الأجر بحساب ما حمل ولو تعمد كسره فكذلك الجواب عندنا وقال زفر يضمنه قيمته محمولا إلى الموضع الذي كسر فيه وأعطاه الأجر بحساب ما حمل وذكر عيسى بن أبان رحمه الله أن قياس قول أبي حنيفة رحمه الله هكذا لأن أجير المشترك عنده أمين لا يضمن باعتبار القبض فإنما يلزمه الضمان باعتبار جنايته عند الكسر فلا بد من اعتبار قيمته عند تقرر سبب الضمان لأن الحكم لا يسبق سببه ولكنا نقول إذا اختار صاحب الدن أن يضمنه قيمته غير محمول لم يضمنه ذلك باعتبار القبض ولا باعتبار جنايته أيضا ولكن تفرق عليه الصفقة حين كسره في بعض الطريق فغير عليه شرط عقده فيكون له أن يفسخ العقد في مقدار ما يحمله فيسقط حصة ذلك من الأجر ويضمنه قيمته غير محمول فإن قيل كيف يفسخ العقد في مقدار ما يحمله وذلك متلاش غير قائم قلنا بل هو قائم حكما ببقاء بدله فإن الحمال ضامن قيمته محمولاإلى هذا الموضع بالاتفاق وكما لا يجوز الفسخ عند تفرق الصفقة على العين يجوز فسخه على بدل العين إذا كان قائما كما لو اشترى عبدين فقتل أحدهما قبل القبض ثم مات الآخر كان للمشتري أن يفسخ العقد على القيمة في المنقول كتفرق الصفقة عليه ولكن لو انكسر من غير عمله بأن أصابه حجر من مكان أو وقع عليه حائط أو كسره رجل وهو على رأسه فلا ضمان عليه في قول أبي حنيفة رحمه الله وعندهما هو ضامن إذا تلف بما يمكن الاحتراز عنه