وقد بينا نظيره في كتاب الغصب وإذا باع الرجل الأرض ليزرعها كتب إنك أطعمتني أرض كذا لا زرع فيها ما بدالي من غلة الشتاء والصيف وقال أبو يوسف رحمه الله إذا كتب عارية فهو أحب إلي من أن يكتب أطعمتني وهو قول محمد رحمه الله لأنه بالإعارة يجعل له منفعة الأرض بغير عوض والعارية اسم موضوع لتمليك المنفعة بغير عوض كما أن استعمال هذا اللفظ أولى من استعمال غيره مما لم يوضع لتمليك المنفعة في الأصل وهو نظير إعارة الدار وغيرها من الأعيان وأبو حنيفة يقول لو كتب أعرتني كان المفهوم منه الانتفاع بها من حيث السكنى وإذا كتب أطعمتني كان المفهوم التمكن من الزراعة لأن الأرض لا يطعم عينها وإنما يطعم ما يكون منها وذلك لا يحصل إلا بالزراعة وإذا كانت الإعارة للسكني فلفظ الإعارة أقرب في بيان ما هو المقصود وإذا كانت الإعارة للزراعة فلفظ الطعمة أقرب إلى بيان ما هو المقصود فينبغي أن يستعمل في كل فصل ما هو دليل على المقصود وهذه مسألة الجامع الصغير قال وخراجها على ربها لأن الخراج مؤنة الأرض النامية وجوابه يعتمد التمكن من الانتفاع بالأرض وبالإعارة لا يزول تمكنه من الانتفاع بها وإنما ينتفع بها المستعير بتسليط المعير فهو كانتفاع المعير بها بنفسه فإن اشترط على المستعير أداء الخراج فبهذا الشرط يخرجه من الطعمة وتكون إجارة فاسدة لأنه لا يعرف خراجها ومعنى هذا أن الخراج على رب الأرض فإذا شرطه على المستعير فكأنه شرط لنفسه عوضا عن المنفعة فيصير العقد به إجارة وفسادها لجهالة الخراج قبل هذا في الأراضي الصلحية التي يكون خراج الحماحم والأراضي جملة ثم يقسم على الحماحم والأراضي فعند قلة الحماحم تزداد حصة الأرض وعند كثرة الحماحم تنتقص فأما خراج الوظيفة يكون معلوم المقدار وقيل بل المراد الجهالة في روادف الخراج فإن ولاة الجور ألحقوا بالخراج روادف وذلك مجهول يزداد وينتقص ولا فساد هذا العقد علة أخرى وهي أن الخراج في ذمة رب الأرض فكأنه شرط على المستأجر أن يتحمل عنه دينا في ذمته وذلك مفسد للإجارة وإذا أوصى الرجل بغلة أرضه فالخراج على الموصى له بالغلة لأن وجوبه باعتبار التمكن من الانتفاع بالأرض والموصى له هو المتمكن من الانتفاع بالأرض دون الوارث وبه فارق الإعارة ولأن للخراج تعلقا بالغلة ( ألا ترى ) أنه إن منع الخراج لم تطب له الغلة وللإمام أن يحول بينه وبين الغلة ليؤدي الخراج والموصى له هو المختص بالغلة فيكون الخراج عليه ولا وجه لإيجاب الخراج على الورثة لأنهم لو زرعوا الأرض