قال المشتري للشفيع أنا أبيعكها بما اشتريتها به فقال قد قبلت ذلك فأبى المشتري بعد ذلك أن يعطيه فلا شفعة له لأنه أظهر الرغبة في شراء مستقبل وذلك يتضمن إسقاط حقه في الشفعة ولا يتم البيع بينهما بما جرى من اللفظ لأن تمام البيع بلفظين هما عبارة عن الماضي وقول المشتري أبعتها عبارة عن المستقبل فهو وعد لا إيجاب والمواعيد لا يتعلق بها اللزوم وإذا اقتسم القوم دارا فإنه ينبغي لهم أن يكتبوا للقسمة بينهم كتابا لأن في قسمة الدار معنى المعاوضة فكل واحد منهم يسلم لأصحابه بعض ملكه عوضا عما يأخذ منهم من أنصبائهم والقسمة تكون مستدامة بينهم فينبغي أن يكتب منهم الوثيقة وصفة ذلك هذا ما اقتسم عليه فلان وفلان وفلانة بنو فلان اقتسموا الدار التي هي في بنى فلان أحد حدودها والرابع اقتسموها على فرائض الله تعالى وكان ذرع جميع هذا الدار كذا ذراعا مكسرة وكان جميع الذي لفلان من هذه الدار بكل حق هو له كذا ذراعا مكسرة فأصابه ذلك عند القسمة في موضع كذا من هذه الدار وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله نرى أن يكتب ما أصابه ذلك في موضع كذا من هذه الدار أحد حدود الذي أصابه كذا والرابع وهذا قولهم جميعا فإن أبا حنيفة رحمه الله لا يخالفهما في تحديد الموضع الذي أصاب كل واحد منهم عند القسمة لأن كل واحد منهم عند المشترى في معنى المشتري لذلك الموضع فقبل هذه القسمة كان حقه شائعا في جميع الدار وقد تعين الآن في موضع منها فلا بد من تحديد الموضع الذي أصاب كل واحد منهم حتى يصير معلوما بذكر الحدود فيتم الكتاب وتنقطع المنازعة وإذا كان الحائط بين رجلين نصفين ولأحدهما عليه خشب كان للآخر أن يضع عليه من الخشب مثل ما وضع صاحبه لأنهما لما استويا في أصل الملك ينبغي أن يستويا في الانتفاع بالمملوك فالانتفاع بالحائط من حيث وضع الخشب فللشريك أن يضع عليه من الخشب مثل ما وضع صاحبه وليس له أن يرفع شيئا من خشب صاحبه لأن فيه ضررا بصاحبه من حيث هدم البناء عليه وإنما له حق الانتفاع بالملك المشترى ولا يكون له حق الاضرار بشريكه وقيل هذا إذا كان الحائط بحيث يحتمل مثل ذلك الخشب إن لو وضعه عليه فإن كان يعلم أنه لا يحتمل ذلك وهما متصادقان في أن أصل الحائط بينهما نصفان فحينئذ يكون له أن يأمر صاحبه برفع بعض الخشب حتى يضع عليه من الخشب مثل ما يبقي لصاحبه ما يحتمله الحائط وهذا لأنه إن وضع الزيادة بغير إذن الشريك فهو غاصب وإن وضعها عليه بإذنه فالشريك معير نصيبه من الحائط منه وللمعير أن يسترد العارية