على ضد الليل وهذا ظاهر فإذا قرنه بذكر الصوم عرفنا أن المراد بياض النهار لأنه وقت للصوم ومعيار له ففي المسألة الأولى قرن اليوم بالصوم فقال أصوم هذا اليوم فحملناه على بياض النهار ثم ذكر الشهر لبيان مقدار الأيام التي تناولها نذره وفي المسألة الثانية قرن الشهر بذكر اليوم فصار مقدار الصوم بذكر الشهر معلوما ثم ذكر اليوم بعد ذلك من غير أن جعله معيارا للصوم فعرفنا أن المراد به الوقت فجعلنا كأنه قال أصوم هذا الشهر وقتا .
( قال ) ( ولو قال لله علي صوم هذا اليوم غدا فإن قال هذا قبل الزوال ولم يكن أكل فيه شيئا فعليه صوم هذا اليوم وإن قال بعد الزوال أو بعد ما أكل فلا شيء عليه ولو قال لله علي صوم غد اليوم كان عليه الصوم غدا ) لأنه ذكر الوقتين من غير أن ذكر بينهما حرف العطف فيكون المعتبر من كلامه أول الوقتين ذكرا ويلغو آخر الوقتين ذكرا .
وقد بينا هذا الأصل في الطلاق إذا قال لامرأته أنت طالق اليوم غدا فهي طالق اليوم ولو قال غدا اليوم تطلق غدا ففي المسألة الأولى المعتبر من كلامه ذكر اليوم فكأنه اقتصر على قوله لله علي صوم هذا اليوم فإن كان قبل الزوال ولم يكن أكل صح نذره وإلا فلا وفي المسألة الثانية المعتبر من كلامه قوله غدا فيكون ملتزما صوم الغد بنذره وذلك صحيح فإن أفطر في الغد فعليه القضاء .
( قال ) ( ولو قال لله علي صوم الأيام ولا نية له ففي قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى عليه صوم عشرة أيام وفي قولهما عليه صوم سبعة أيام ) لأن حرف اللام حرف العهد والمعهود هي الأيام السبعة التي تدور عليها الشهور والسنون كلما مضت عادت فإليها ينصرف مطلق لفظه .
وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول ذكر الألف واللام دليل الكثرة فإنما ينصرف كلامه إلى أكثر ما يتناوله اسم الأيام في اللغة مقرونا بالعدد وذلك عشرة أيام لأنه يقال لما بعد العشرة أحد عشر يوما .
وإنما قلنا إن الألف واللام دليل الكثرة لأنهما لاستغراق الجنس وقد بينا هذا في كتاب الأيمان .
وعلى هذا الأصل إذا قال لله علي صيام الشهور فعليه في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى عشرة أشهر لأنه أكثر ما يتناوله لفظ الجمع مقرونا بالعدد فإنه يقال عشرة أشهر أو شهور ثم يقال لما بعده أحد عشر شهرا .
وعندهما يلزمه صوم اثني عشر شهرا باعتبار المعهود قال الله تعالى ! < إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا > ! 36 وهي التي تدور عليها السنون .
وإن قال لله علي صيام شهور فعليه صيام ثلاثة أشهر لأنه أدنى ما يتناوله اسم الجمع لأنه ليس في كلامه حرف العهد ولا ما يدل على الكثرة .
ولو قال لله علي صوم الجمع فعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى