في شهر بعينه غير معتبر لأن المعين لا يعرف إلا بصفته وإنما ذكر الصفة لتعريف ما ليس بمعين فيعتبر ذلك عند إطلاق لفظ الشهر ولا يعتبر عند التعيين ولأن أيام الشهر المعين تكون متجاورة لا متتابعة فذكر التتابع في الشهر المعين وجوده كعدمه .
وكذلك لو قال لله علي أن أصوم شهرا وهو يعني رجب بعينه لأن المنوي من محتملات لفظه فيجعل كالمصرح به .
وفي الكتاب أشار إلى فرق آخر فقال في الشهر المعين إذا أفطر يوما فقد عجز عن أداء الصوم على الوجه الذي التزمه لأنه لو استقبل الصوم لم يكن مؤديا في ذلك الوقت الذي أوجبه على نفسه وعند إطلاق الشهر بعد ما أفطر يوما هو قادر على أن يصوم شهرا متتابعا كما التزمه فلهذا أوجبنا عليه الاستقبال .
( قال ) ( وإن أراد بقوله لله علي يمينا كفر عن يمينه مع قضاء ذلك اليوم في الشهر المعين ) لأن المنوي من محتملات لفظه فإن في النذر معنى اليمين قال النذر يمين وكفارته كفارة اليمين وقد حنث حين أفطر يوما فعليه الكفارة والقضاء لأن ظاهر كلامه نذر وهذا قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى .
وأما عند أبي يوسف رحمه الله تعالى إن أراد به اليمين فعليه الكفارة دون القضاء وإن أراد النذر أو أرادهما فعليه القضاء دون الكفارة لأن لفظه للنذر حقيقة ولليمين مجازا ولا يجمع بين الحقيقة والمجاز في لفظ واحد .
ولكنا نقول قوله لله علي يمين فإن اللام والباء يتعاقبان قال الله ! < آمنتم به > ! 123 وفي موضع آخر قال ! < آمنتم له > ! 71 فقوله لله بمنزلة قوله بالله .
وقال بن عباس رضي الله عنه دخل آدم الجنة فلله ما غربت الشمس حتى خرج معناه بالله وقوله علي نذر فإنما أثبتنا كل واحد من الحكمين بلفظ آخر ثم الحالف يلتزم البر حقا لله تعالى والناذر يلتزم الوفاء حقا لله تعالى فكان اللفظ محتملا لكل واحد منهما لا أن يكون حقيقة لأحدهما مجازا للآخر فيكون بمنزلة اللفظ العام إلا أن عند الاطلاق يحمل على النذر لغلبة الاستعمال فإذا نوى اليمين مع ذلك كان اللفظ متناولا لهما بمنزلة اللفظ العام في كونه متناولا لجميع محتملاته .
( قال ) ( ولو قال لله علي صوم يوم فأصبح من الغد لا ينوي صوما فلم تزل الشمس حتى نوى أن يصومه عن نذره لم يجزه ذلك ) بخلاف ما إذا قال لله علي صوم غد لأن ما يوجبه على نفسه في الوجهين معتبر بما أوجب الله تعالى عليه من الصوم في وقت بعينه وهو صوم رمضان يتأدى بالنية قبل الزوال وما كان في وقت بغير عينه لا يتأدى إلا بنية من الليل نحو قضاء رمضان فكذلك ما يوجب على نفسه في الوجهين وهذا لمعنيين أحدهما أن عند تعيين اليوم إمساكه في أول النهار يتوقف على الصوم المنذور عند وجود النية فإذا وجدت النية قبل الزوال استندت إلى أول النهار لتوقف الإمساك عليه وذلك لا يوجد فيما إذا أطلق النذر .
والثاني أن في النذر المعين إذا ترك النية من الليل فقد تحقق