رسول الله فلينظر إلى وضوئي هذا واختلفت الروايات في حديثه في المسح بالرأس فروي ثلاثا وروي مرة فبهذه الآثار أخذ علماؤنا رحمهم الله وقالوا الأفضل أن يتمضمض ثلاثا ثم يستنشق ثلاثا ( وقال ) الشافعي رضي الله عنه الأفضل أن يتمضمض ويستنشق بكف واحد وله تأويلان عندنا أحدهما أنه لم يستعن في المضمضة والاستنشاق باليدين كما فعل في غسل الوجه .
والثاني أنه فعلهما باليد اليمنى فيكون ردا على قول من يقول يستعمل في الاستنشاق اليد اليسرى لأن الأنف موضع الأذى كموضع الاستنجاء .
قال ( ثم يغسل وجهه ثلاثا ) وحد الوجه من قصاص الشعر إلى أسفل الذقن إلى الأذنين لأن الوجه اسم لما يواجه الناظر إليه غير أن إدخال الماء في العينين ليس بشرط لأن العين شحم لا يقبل الماء وفيه حرج أيضا فمن تكلف له من الصحابة رضوان الله عليهم كف بصره في آخر عمره كابن عمر وبن عباس رضي الله عنهم والرجل الأمرد والملتحي والمرأة في ذلك سواء إلا في رواية عن أبي يوسف رحمه الله قال في حق الملتحي لا يلزمه إيصال الماء إلى البياض الذي بين العذار وبين شحمة الأذن هذه العبارة أصح فإن الشيخ الإمام رحمه الله جعل العذار اسما لذلك البياض وليس كذلك بل العذار اسم لموضع نبات الشعر وهو غير البياض الذي بين الأذن ومنبت الشعر قال لأن البشرة التي نبت عليها الشعر لا يجب إيصال الماء إليها فما هو أبعد أولى لكن الصحيح من المذهب أنه يجب إمرار الماء على ذلك الموضع لأن الموضع الذي نبت عليه الشعر قد استتر بالشعر فانتقل الفرض منه إلى ظاهر الشعر فأما العذار الذي لم ينبت عليه الشعر فالأمرد والملتحي فيه سواء ويجب إيصال الماء إليه بصفة الغسل وإنه لا يحصل إلا بتسييل الماء عليه .
وقد روي عن أبي يوسف رحمه الله أن في المغسولات إذا بله بالماء سقط به الفرض وهذا فاسد لأنه حد المسح فأما الغسل فهو تسييل الماء على العين وإزاله الدرن عن العين قال القائل فياحسنها إذ يغسل الدمع كحلها وإذ هي تذري دمعها بالأنامل ( ثم يغسل ذراعيه ثلاثا ثلاثا ) وإنما لم يقل يديه لأنه في الابتداء قد غسل يديه ثلاثا وإنما بقي غسل الذراعين إلى المرفقين والمرفق يدخل في فرض الغسل عندنا وكذلك الكعبان .
وقال زفر رحمه الله لا يدخل لأنه غاية في كتاب الله تعالى والغاية حد فلا يدخل تحت