لا يخرج من هذه الدار فأخرج رأسه منها لم يحنث وإن غسل رأسه في المسجد في إناء فلا بأس بذلك إذ ليس فيه تلويث المسجد .
وذكر حديث عائشة أن النبي كان إذا أراد أن يعتكف أصبح في المكان الذي يريد أن يعتكف فيه ففي هذه دليل على أن من أراد اعتكاف يوم أو نذر ذلك ينبغي أن يدخل المسجد قبل طلوع الفجر وقد بينا هذا .
( قال ) ( وإن نذر اعتكاف يوم العيد قضاه في وقت آخر وكفر عن يمينه إن كان أراد يمينا وإن اعتكف فيه أجزأه وقد أساء ) وهذا عندنا اعتبارا للاعتكاف بالصوم وقد بينا هذه الأحكام في النذر بصوم يوم العيد فكذلك الاعتكاف .
وذكر محمد رحمه الله في الأصل حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي اعتكف في العشر الأوسط من رمضان فأتاه جبرائيل عليه السلام فقال إن ما تطلبت وراءك فقال عليه السلام من كان معتكفا معنا فليعد إلى معتكفه وإني أراني أسجد في ماء وطين فقال أبو سعيد فمطرنا وكان عريش المسجد من جريد فوكف فوالذي بعثه بالحق لقد صلى بنا المغرب ليلة الحادي والعشرين وإني أرى جبهته وأرنبة أنفه في الماء والطين وإنما أورد هذا الحديث لبيان ليلة القدر وفيه اختلاف بين الصحابة والعلماء بعدهم فأما أبو سعيد الخدري رضي الله عنه كان مذهبه أن ليلة القدر الحادي والعشرون لهذا الحديث ولم يأخذ به علماؤنا لما صح في الحديث أن النبي قال من فاته ثلاث ليال فقد فاته خير كثير ليلة التاسع عشر والحادي والعشرين وآخرها ليلة فقيل سوى ليلة القدر يا رسول الله فقال سوى ليلة القدر .
وليس في حديث أبي سعيد كبير حجة فإنه لم يقل أراني أسجد في ماء وطين في ليلة القدر .
وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول إنها ليلة الخامس والعشرين فإنه صح في الحديث أن نزول القرآن كان لأربع وعشرين مضين من رمضان .
وقال الله تعالى ! < إنا أنزلناه في ليلة > ! القدر 1 والهاء كناية عن القرآن باتفاق المفسرين فإذا جمعت بين الآية والحديث تبين أنها ليلة الخامس والعشرين .
وأكثر الصحابة على أنها ليلة السابع والعشرين فقد ذكر عاصم عن ذر بن حبيش قال قلت لأبي بن كعب يا أبا المنذر أخبرني عن ليلة القدر فإن بن مسعود كان يقول من يقم الحول يدركها فقال يرحم الله أبا عبد الرحمن قد كان يعلم أنها ليلة السابع والعشرين ولكنه أراد حث الناس على الجهد في جميع الحول قلت بم عرفت ذلك قال بالعلامة التي أخبرنا بها رسول الله فاعتبرناها فوجدناها قلت وما تلك