وإني لم استخلف أحدا وقال علي من أراد أن ينفحم في جراثيم جهنم فليقض في الجد وكان الشعبي إذا أراد أحد أن يسأله عن شيء من الفرائض قال هات إن لم يكن أحدا لا حياه الله ولا بياه ليعلم أنهم كانوا يتحرزون عن الكلام في الجد لكثرة الاختلاف فيه .
أما حجة من ورث الأخوة مع الجد ما روى عن علي أنه شبه الأخوين بشجرة أنبتت غصنين والجد مع النافلة بشجرة نبت منها غصن فالقرب بين غصني الشجرة أظهر من القرب بين أصل الشجرة والغصن النابت من غصنها لأن بين الغصنين مجاورة بغير واسطة وبين الغصن الثاني وأصل الشجرة مجاورة بواسطة الغصن الأول فعلى هذا ينبغي أن يقدم الأخ على الجد لأن العصوبة تنبني على القرب إلا أن في جانب الجد معنى آخر وهو أولاد يتأيد بذلك المعنى اتصاله بالنافلة وبالولاد يستحق الفرضية من له اسم الأبوة وبهذه الفرضية إنما يستحق السدس قال الله تعالى ! < ولأبويه لكل واحد منهما السدس > ! فلا ينقص نصيب الجد عن السدس باعتبار الولاد بحال وتأيد بهذا الولاد قرابته من الميت فيكون مزاحما للأخوة ويقاسمهم إذا كانت المقاسمة خيرا له من السدس .
يوضحه أن الولد في حكم الحجب أقوى من الأخوة بدليل حجب الزوج والزوجة بالولد دون الأخوة وحجب الأم إلى السدس بالولد الواحد دون الأخ ثم الولد لا ينقص نصيب الجد عن السدس بحال كان أولى والمروي عن زيد بن ثابت أنه شبه الأخوين بواد تشعب منه نهران والجد مع النافلة بواد تشعب منه نهر ثم تشعب من النهر جدول فالقرب بين النهرين يكون أظهر منه بين الجدول وأصل الوادي وهذا يوجب تقديم الأخوة على الجد إلا أن في جانب الجد معنى الولاد وبه يسمى أبا ولكنه أبعد من الأب الأول بدرجة فيجعل هو فيما يستحق في الولاد بمنزلة الأم من حيث أنه يقام البعد بدرجة مقام نقصان الأنوثة في الأم والأم عند عدم الولد تستحق ثلث جميع المال فكذلك الجد بالولاد يستحق ثلث جميع المال إذ الجد مع الجدة بمنزلة الأب مع الأم فكما أن نصيب الأم عند عدم الولد ضعف نصيب الأم وذلك الثلثان فكذلك نصيب الجد عند عدم الولد ضعف نصيب الجدة ونصيب الجدة السدس .
لا ينقص عن ذلك فنصيب الجد الثلث لا ينقص عن ذلك .
وحجتهم من حيث المعنى أن الجد والأخ استويا في الإدلاء فكل واحد منهم يدلى للميت بواسطة الأب ثم للأخ زيادة ترجيح من وجه وهو أنه يدلى بواسطة الأب بالبنوة والجدودية تدلي إلى الميت بواسطة الأب بالأبوة والبنوة في العصوبة مقدم على الأبوة .
( ألا ترى ) أن من ترك أبا وابنا كانت