فرع عن الصوم وقد بينا في الصوم حكم الفدية فكذلك في الاعتكاف .
فإن قيل الفدية عن الصوم غير معقول ولا هو ثابت بطريق القياس فكيف قستم الاعتكاف عليه والعجب أن في الصلاة قلتم مثل هذا ولا مدخل للقياس فيه .
قلنا أما في الاعتكاف فالجواب عن هذا السؤال سهل لأن صحة النذر بالاعتكاف باعتبار الصوم فإن ما لا أصل له في الفرائض لا يصح التزامه بالنذر فكان التنصيص على الفدية في الصوم تنصيصا عليه في الاعتكاف وأما في الصلاة فلم يطلق الجواب في شيء من الكتب على الفدية مكان الصلاة ولكن قال في موضع من الزيادات يجزيه ذلك إن شاء الله تعالى فبتقييده بالاستثناء بيان أنه لا يثبت الجواب فيه إذ لا مدخل للقياس فيه .
( قال ) ( وإن كان مريضا حين نذر الاعتكاف فلم يبرأ حتى مات فلا شيء عليه ) لأنه ليس للمريض ذمة صحيحة في وجوب أداء الصوم والاعتكاف بناء عليه ألا ترى أنه لا يلزمه أداء صوم رمضان بشهوده الشهر فكذلك لا يلزمه الأداء بالنذر والفدية تنبني على وجوب الأداء وإن صح يوما ثم مات أطعم عنه عن جميع الشهر في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى .
وفي قول محمد رحمه الله تعالى يطعم عنه بعدد ما صح من الأيام .
وأبو حنيفة وأبو يوسف قالا لما صح فقد صارت له ذمة صحيحة في التزام الأداء فيجعل كالمجدد للنذر في هذا الوقت .
والصحيح لو نذر اعتكاف شهر ثم مات بعد يوم أطعم عنه لجميع الشهر إن أوصى يجبر الوارث عليه من الثلث وإن لم يوص لم يجبر الوارث عليه ولكنه إن أحب فعل فكذلك هذا .
( قال ) ( وإن نذر اعتكاف ليلة لم يلزمه شيء ) وروي عن أبي يوسف أنه إن نوى ليلة بيومها يلزمه وليس بينهما اختلاف في الحقيقة ولكن جواب محمد رحمه الله تعالى فيما إذا لم تكن له نية فاسم الليل خاص بزمان لا يقبل الصوم وشرط الاعتكاف الواجب الصوم فإذا نوى ليلة بيومها عملت نيته اعتبارا للفرد بالجمع فصار شرط الاعتكاف وهو الصوم بنيته موجودا فصح نذره .
( قال ) ( ولو أصبح في يوم ثم قال لله علي أن أعتكف هذا اليوم فإن كان قد أكل فيه أو كان بعد الزوال لم يلزمه شيء ) لأنه أضاف النذر بالاعتكاف إلى وقت لا يقبل الصوم في حقه وإن كان قبل الزوال ولم يكن أكل شيئا فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا يصح نذره .
وعلى قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى يصح نذره وهو بناء على ما تقدم بيانه أن القليل من الخروج يفسد الاعتكاف عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى .
وعندهما الخروج فيما دون نصف اليوم لا يفسد