الميت دين محيط بتركته لم تجز المحاباة لأنها وصية ويحاص رب السلم الغرماء برأس ماله في التركة لأنه تعذر تسليم الكر لمكان حق الغرماء فيجب رد رأس المال وقد استهلكه المسلم إليه فيكون دينا عليه كسائر الديون فلهذا يتحاصون في التركة بقدر ديونهم .
فإن كان رب السلم قد أخذ منه رهنا بالسلم وعلى ذلك بينة ثم مات المسلم إليه ولا مال له غير الرهن وعليه ديون استوفى رب السلم رأس المال من الرهن ورد ما بقي على الغرماء لأن تعلق حق السلم بالرهن أسبق من تعلق حق سائر الغرماء فيستوفي رأس ماله ويرد ما بقي على الغرماء لأن الدين مقدم على الوصية .
وإذا أسلم الرجل عشرة دراهم إلى مريض في كر قيمته مائة وقبض الدراهم فاستهلكها ثم مات وقد أوصى الرجل بثلث ماله ولا مال له غير الكر .
فإن شاء صاحب السلم نقض السلم وأخذ دراهمه لأنه لم يسلم له شرط عقده .
وإذا نقض العقد بطلت وصيته بالمحاباة فيجوز للآخر وصيته في ثلث مال الميت وإن شاء أخذ خمسي الكر وأعطى الورثة منه ثلاثة أخماسه بطريق الحط فيسلم له خمسي كر قيمته أربعون درهما بعشرة دراهم فالوصية له من ذلك ثلاثون ويسلم للورثة ثلاثة أخماس الكر وقيمته ستون درهما فيستقيم الثلث والثلثان .
والحاكم رحمه الله يقول إن شاء أخذ الكر وأعطي الورثة ستين درهما وهذا غلط لما بينا ولا شيء لصاحب الوصية في قول أبي حنيفة لأن المحاباة على اصله مقدمة على سائر الوصايا والمحاباة هنا بقدر سبعين فهو أكثر من ثلث ماله فإنما يسلم الثلث لصاحب المحاباة ولا شيء للآخر .
وفي قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله يتحاصان في الثلث فيضرب صاحب المحاباة بجميع المال وصاحب الثلث بالثلث فيصير الثلث بينهم على أربعة والثلثان ثمانية .
فإذا اختار رب السلم إمضاء العقد كان له من الكر قدر اثنين وثلاثين ونصف ورد على الورثة قدر سبعة وستين ونصف من الكر بطريق الحط فيكون لصاحب الوصية من ذلك سبعة ونصف وهو ربع ثلث ما ترك الميت لأن التركة بقدر سبعين فمقدار العشرة من الكر مستحق بعوضه وهو رأس المال ولهذا قلنا أن صاحب المحاباة يضرب بجميع المال لأن جميع ذلك محاباة له ويسلم للورثة ما يساوي ستين وذلك ثلثا التركة ولرب السلم من الكر ما يساوي اثنين وثلاثين ونصف عشرة منها بإزاء دراهمه واثنان وعشرون ونصف محاباة وهي ثلاثة أرباع ثلث التركة .
فإن كان له عبد فأعتقه في مرضه فعلى قول أبي يوسف ومحمد العتق أولى ويرجع صاحب السلم برأس ماله ولا شيء له غير ذلك وعند أبي حنيفة رحمه الله إن بدأ بالمحاباة فهي مقدمة على العتق .
وإن بدأ بالعتق فهو والمحاباة سواء وقد تقدم بيان هذه المسألة