الأخيرة فهو مزاحم له فيما يخصه .
ولو حابى ثم أعتق ثم حابى ثم أعتق فالثلث بين صاحبي المحاباة نصفان للمساواة بينهما في السبب ولا مزاحمة لواحد من المعتقين مع المحاباة فيما أصابه لأن عتقه كان مقدما على المحاباة الأخيرة فيكون هو مزاحما له في حصته ثم يشارك المعتق الآخر المعتق الأول فيما أصابه للمساواة والمجانسة بينهما وإنما كان المعتق الآخر محجوبا لصاحبي المحاباة وقد خرجا من البين .
قال وعلى قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله المحاباة وسائر الوصايا سوى العتق البات أو التدبير أو العتق الذي يقع بعد الموت بغير أجل سواء يتحاصان في الثلث لأن المحاباة بمنزلة الهبة وهي لا تحتمل الفسخ كالهبة وقد ثبت بحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن العتق المنفذ مقدم على سائر الوصايا فكذلك على سائر المحاباة وثبت بطريق المعنى المحاباة وسائر الوصايا فيتحاصان في الثلث .
( قال ) ( وإذا تصدق الرجل في مرضه على رجل بألف درهم فقبضها ووهبها لذي رحم محرم منه وقبضها وهو غير وارث ثم أعتق عبدا ثم مات بدئ بالعتق في قولهم جميعا ) لأن سبب هذه الوصايا استوى في القوة وهو أن يجعل ذلك تبرع وهذا دليل لأبي حنيفة رحمه الله في أنه ينظر إلى السبب دون الحكم فإن الهبة لذي الرحم المحرم والصدقة لا رجوع فيها بخلاف سائر الوصايا ثم مع ذلك يسوي بينهما وبين سائر الوصايا إلا أنهما يقولان التصدق والهبة تمليك فيكون محتملا للرجوع فيه إلا أن حصول المقصود به وهو نيل الثواب وصلة الرحم لا يرجع فيه لا أنه غير محتمل للفسخ بخلاف العتق فإنه إسقاط للرق والمسقط يتلافي ما يتصور فلا يتصور الرجوع فيه .
ولو لم يعتق مع الهبة والصدقة ولكنه حابى فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله يبدأ بالمحاباة على كل حال لأن سببه عقد الضمان فيكون مقدما على التبرع وإن كان من أصله تقديم المحاباة على العتق إذا بدأ بها فلأن يقدم على سائر الوصايا أولى .
وعندهما يتحاصان صاحب المحاباة وصاحب الهبة والصدقة لأن المحاباة عندهما كغيرها من الوصايا سوى العتق وقد استوت في الحكم فإن الموصى لا ينفرد بفسخ الهبة والصدقة كما لا ينفرد بفسخ البيع الذي فيه المحاباة فيتحاصون في الثلث والله أعلم بالصواب .
$ باب الوصية في العتق والدين على الأجنبي $ ( قال رحمه الله ) ( كان لرجل مائة درهم عين ومائة درهم على آخر دين فأوصى لرجل بثلث ماله فإنه يأخذ ثلث العين ) لأنه سمى له ثلث المال ومطلق اسم المال يتناول العين دون