جميع وصيته باعتبار ما بقي من المالين وبالاستحقاق لا يبطل شيء من وصيته كما إذا هلك بعض المالين .
وزفر رحمه الله يقول في هذا الموضع للموصى له سدس ما بقي منهما لأن بالاستحقاق تبين أن المستحق لم يكن مملوكا له وصحت هذه الوصية باعتبار قيام ملكه وفيه الإيصاء فلا يستحق إلا سدس ما كان مملوكا فأما بالهلاك فلا يتبين أن الكل لم يكن مملوكا له وقت الإيصاء فاستحق هو سدس الجميع ثم تبقى وصيته ببقاء محلها وقد بينا هذه المسألة في الوصايا وأصلها فيما ذكر في الجامع الصغير إذا أوصى بثلث ثلاثة دراهم فاستحق منها درهمان فللموصى له جميع الدرهم الباقي إذا كان يخرج من ثلثه عندنا وعند زفر له ثلث الدرهم الباقي ولو كان هلك منها درهمان كان للموصى له جميع الدرهم الباقي بالاتفاق وكذلك لو كان مكان الغنم إبل أو بقر أو ثياب من صنف واحد أو شيء مما يكال أو يوزن .
فأما إذا ترك ألف درهم وثلاثة أعبد وأوصى لرجل بسدس إلا عبدا وسدس الدراهم أو أوصى له بسدس ماله ثم هلك عبد كان له في الوجهين سدس العبد الباقي وسدس الدراهم وكذلك الاستحقاق أما في الوصية بسدس المال فالجواب واضح وفي الوصية بسدس إلا عبد والدارهم .
قيل هذا الجواب قول أبي حنيفة .
فأما عند أبي يوسف ومحمد رحمهم الله فهذا وما سبق سواء ويكون له نصف العبد الباقي مع سدس الدراهم لأن عندهما الرقيق يقسم قسمة واحدة بمنزلة سائر الحيوانات من جنس واحد .
( ألا ترى ) أنها تثبت في الذمة بمطلق التسمية في العقود المبنية على التوسع كسائر الحيوانات فكانت الوصية بسدس الرقيق كالوصية بسدس الغنم وسدس الإبل وعند أبي حنيفة الرقيق لا يقسم قسمة واحدة على وجه الجبر لأن المقصود بالقسمة الانتفاع فلا بد من المعادلة في المنفعة للإجبار على القسمة وذلك في العبيد متعذر لما فيها من التفاوت العظيم في المنفعة وذلك في العبد باعتبار التفاوت في المعاني الباطنة فتكون العبيد بمنزلة أجناس مختلفة .
ولو أوصي له بسدس ثلاثة أشياء من أجناس مختلفة كالإبل والبقر والغنم واستحق جنسان أو هلكا لم يكن له إلا سدس الباقي فكذلك إذا كان أوصي له بسدس إلا عبد الثلاثة فاستحق عبدان أو هلكا لم يأخذ إلا سدس العبد الباقي .
( ألا ترى ) أنه لو بقي الكل له يستحق بتلك التسمية نصف العبد الباقي بطريق الإجبار على القسمة فكذلك بعد هلاك العبدين بخلاف صنف واحد مما توجد فيه القسمة بطريق الإجبار وقيل هذا الجواب قولهم جميعا كما أطلق في الكتاب لأن الرقيق عندهما .
وإن كان يقسم قسمة واحدة فقيل القسمة هنا بمنزلة الأجناس