لأن فيه معصية ووجوب القضاء ينبني على وجوب الإتمام ولأن القدر المؤدى كان فاسدا لما فيه من ارتكاب النهي فلا يجب عليه حفظه ووجوب الإتمام والقضاء لحفظ المؤدى بخلاف النذر فإنه بنذره صار مرتكبا للنهي وفي الشروع في الصلاة في الوقت المكروه روايتان عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى وبعد التسليم الفرق من وجهين أحدهما أن بالشروع هناك لا يصير مرتكبا للنهي لأن بمجرد التكبير لا يصير مصليا كمن حلف أن لا يصلي فكبر لا يحنث فلهذا صح الشروع وهنا بمجرد الشروع صار صائما مرتكبا للنهي بدليل مسألة اليمين ولأن هناك يمكنه الأداء بذلك الشروع لا بصفة الكراهة بأن يصبر حتى تبيض الشمس فلهذا لزمه وهنا بهذا الشروع لا يمكنه الأداء بدون صفة الكراهة فلم تلزمه .
( قال ) ( امرأة قالت لله علي أن أصوم يوم حيضي فلا شيء عليها ) لأن الحيض ينافي أداء الصوم ومع التصريح بالمنافي لا يصح الالتزام كمن قال لله علي أن أصوم اليوم الذي أكلت فيه وكذلك إن حاضت ثم قالت لله علي أن أصوم هذا اليوم لأن المنافي متحقق فكأنها صرحت به بخلاف ما إذا قالت لله علي أن أصوم غدا فحاضت من الغد لأنه ليس في لفظها تصريح بالمنافي فصح الالتزام ثم تعذر عليها الأداء بما اعترض من الحيض فعليها القضاء .
( قال ) ( وإذا دخل الغبار أو الدخان حلق الصائم لم يضره ) لأن هذا لا يستطاع الامتناع منه فالتنفس لا بد منه للصائم والتكليف بحسب الوسع ولو طعن برمح حتى وصل إلى جوفه لم يفطره لأن كون الرمح بيد الطاعن يمنع وصوله إلى باطنه حكما فإن بقي الزج في جوفه فسد صومه لأنه صار مغيبا حقيقة فكان واصلا إلى باطنه وهو قياس ما لو ابتلع خيطا فإن بقي أحد الجانبين بيده لم يفسد صومه وإن لم يبق فسد صومه .
( قال ) ( ولو أكره على أكل وشرب فعليه القضاء دون الكفارة عندنا ) وقال الشافعي رحمه الله تعالى إن تناول بنفسه مكرها فكذلك وإن صب في حلقه لم يفسد صومه واعتبر صنعه في ذلك ونحن نعتبر وصول المفطر إلى باطنه مع ذكره للصوم وذلك لا يختلف بفعله وبفعل غيره وكذلك النائم إن صب في حلقه ماء فسد صومه عندنا .
ولم يفسد عند زفر والشافعي رحمهما الله تعالى لأنه أعذر من الناسي إذا لا صنع له أصلا .
ولكنا نقول الناسي معدول به عن القياس بالنص وهذا ليس في معناه لأن النسيان لا صنع فيه للعباد فإذا كان العذر ممن له الحق منع فساد صومه وإليه أشار رسول الله فقال إن الله أطعمك وسقاك وهنا إنما