التصرف بعد ذلك بمنزلة ما لو مات أحد الأوصياء الثلاثة وكذلك لو صدقهما وقال لا أقبل الوصية كان له ذلك لأنه لم يسبق منه القبول ولكن يتعذر على الوصيين التصرف بدون رأى الثالث فيدخل القاضي معهما وصيا ثالثا وهذا القياس .
والاستحسان في فصول أربعة أحدها ما بينا .
والثاني إذا شهد ابنا الميت أن أباهما أوصى إلى هذا ففي القياس لا تقبل شهادتهما لأنهما ينصبان نائبا عن أبيهما ومن يتصرف لهما .
ولو شهدا أن أباهما وكل هذا الرجل في حياته والأب غائب لم تقبل الشهادة فكذلك إذا شهدا بالوصية .
وفي الاستحسان إذا كان الرجل مدعيا للوصية تقبل شهادتهما لخلوها عن التهمة فإنهما لو سألا من القاضي أن يجعل هذا الرجل وصيا والرجل راغب فيه أجابهما القاضي إلى ذلك بخلاف ما إذا لم يكن الرجل مدعيا للوصية وبخلاف الوكالة فإنهما لو سألاه أن يوكل هذا الرجل عن أبيهما لم يفعل ذلك وهذا لأنه ليس للقاضي ولاية في مال أبيهما والثالث الموصى لهما إذا شهدا أن الموصي أوصى إلى هذا فهو القياس والاستحسان لأن الموصى له بالثلث شريك الوارث فهو في هذه الشهادة كالوارث .
والرابع غريمان لهما على الميت دين لو شهدا أنه أوصى إلى هذا الرجل في القياس لا تقبل الشهادة بمنزلة ما لو شهدا في حياته أنه وكل هذا الرجل بقضاء ديونه وهذا لأن في هذه الشهادة منفعة لهما فإنهما يطالبانه بقضاء دينهما .
وفي الاستحسان إذا كان الرجل مدعيا للوصية قبلت الشهادة لأن للقاضي أن ينصب وصيا بالتماسهما من غير شهادة فلا يتهمان في إخراج الكلام مخرج الشهادة .
ولو أن غريمين للميت عليهما دين شهدا أن الميت أوصى إلى هذا جازت شهادتهما قياسا واستحسانا لخلوها عن التهمة فإنهما ينصبان بشهادتهما من يطالبا بقضاء الدين فتقبل الشهادة لخلوها عن التهمة ولو شهد ابنا الميت الموصي أو أبوه ورجل آخر أن الميت أوصى إليه أبطلته لأنه يشهد للوصي بثبوت ولاية التصرف له والولادة تمنع قبول شهادة أحدهما للآخر .
وكذلك لو شهد ابنا أحد الوصيين أن الميت أوصى إلى أبيهما وإلى هذا الآخر فشهادتهما باطلة لأنهما يشهدان لأبيهما والمشهود به كلام واحد فإذا بطل في حق أبيهما بطل في حق الآخر وشهادة ابني الوصيين على أن الموصي عزله وأوصى إلى رجل آخر جائزة لأنهما يشهدان على أبيهما بالعزل ويشهدان للأجنبي بولاية التصرف .
وكذلك شهادة ابني الغريمين أو غريميه على أنه عزل هذا وأوصى بولاية التصرف إلى الآخر جائزة لأنهما يشهدان بثبوت الولاية للثاني وبنقل ولاية التصرف من الأول إلى الثاني فلا تتمكن التهمة فيهما واختلاف الشاهدين