لصاحب الغلة فالأشجار التي من عادتها أن تحمل في سنة ولا تحمل في سنة يكون ثمارها في السنة التي تحمل فيها وجود وأكثر منها إذا كانت تحمل في كل عام وهو نظير نفقة الموصى بخدمته فإنه على الموصى له بالخدمة بالليل والنهار جميعا وإن كان هو ينام بالليل ولا يخدم لأنه إذا استراح بالنوم بالليل كان أقوى على الخدمة بالنهار .
فإن لم يفعل وأنفق صاحب الرقبة عليها حتى تحمل فإنه يستوفى نفقته من ذلك لأنه كان محتاجا إلى الإنفاق لكيلا يتلف ملكه فلا يكون متبرعا فيه ولكنه يستوفي النفقة من الثمار وما يبقى من ذلك فهو لصاحب الغلة .
ولو أوصى لرجل بثلث غلة بستانه أبدا ولا مال له غيره فقاسمهم البستان فأغل أحد النصيبين ولم يغل الآخر فإنهم يشتركون فيما خرج من الغلة لأن القسمة في ذلك باطلة .
فإن الموصى له بالغلة لا يملك شيئا من رقبة البستان والقسمة لتمييز ملك أحدهما من ملك الآخر وذلك لا يتحقق ها هنا فتبطل القسمة وما حصل من الغلة يكون مشتركا بينهم بالحصة وللورثة أن يبيعوا ثلثي البستان لأنه لا حق للموصى له بثلث الغلة في ثلثي البستان فإذا نفذ بيعهم قام المشتري مقامهم فيكون شريك صاحب الغلة .
ولو أوصى بغلة بستانه الذي فيه لرجل وأوصى بغلته أبدا له أيضا ثم مات الموصي ولا مال له غيره وفي البستان غلة تساوي مائة والبستان يساوي ثلاثمائة فللموصي له ثلث الغلة التي فيه وثلث ما يخرج من الغلة فيما يستقبل أبدا لأن الوصية تنفذ من الثلث .
وطريق تنفيذها من الثلث هو أن يعطي ثلث الغلة الموجودة وثلثاها للورثة ثم يصير كأنه أوصي له بغلته وليس فيه غلة فيكون له ثلث ما يحدث من الغلة أبدا .
ولو أوصى بعشرين درهما من غلته كل سنة لرجل فأغل سنة قليلا وسنة كثيرا فله ثلث الغلة كل سنة يحبس وينفق عليه كل سنة من ذلك عشرون درهما ما عاش هكذا أوجبه الموصى وربما لا تحصل الغلة في بعض السنين فلهذا يحبس ثلث الغلة على حقه .
وكذا لو أوصى بأن ينفق عليه خمسة دراهم كل شهر من ماله فإنه يحبس جميع الثلث لينفق عليه منه كل شهر خمسة كما أوجبه الموصي .
وعن أبي يوسف أنه قال يحبس مقدار ما ينفق عليه في مدة يتوهم أن يعيش إليها في العادة فأما ما زاد على ذلك فلا يشتغل بحبسه لأن الظاهر أنه يموت قبل ذلك وشرط استحقاقه بقاؤه حيا فإنما يثبت هذا الشرط بطريق الظاهر لما تعذر الوقوف على حقيقته .
فأما في ظاهر الرواية قال يتوهم أن تطول حياته إلى أن ينفق عليه جميع الثلث أو يهلك بعض الثلث قبل أن ينفق فيحتاج إلى ما بقى منه للإنفاق عليه فلهذا يحبس جميع الثلث ويستوى إن أمر بأن ينفق عليه في كل شهر منه