الأمر بإخلائه عن المسيس كان لضرورة الأمر بالتقديم على المسيس .
فإن قيل بالإجماع ليس له أن يجامعها قبل أن يكفر وإن كانت كفارته بالإطعام وعندكم لا يجوز قياس المنصوص على المنصوص .
( قلنا ) ما عرفنا ذلك بالقياس بل بالنص وهو حديث أوس بن الصامت رضي الله عنه حين ظاهر من امرأته ثم رآها في ليلة قمراء وعليها خلخال فأعجبته فواقعها ثم سأل رسول الله فقال له استغفر الله ولا تعد حتى تكفر فبهذا النص تبين أنه ليس له أن يغشاها قبل التكفير سواء كانت كفارته بالإطعام أو بالصيام .
( قال ) ( وتجوز نية صوم التطوع قبل انتصاف النهار ) وقال مالك رحمه الله تعالى لا تجوز لأنه حين أصبح غير ناو للصوم فقد تعين أول النهار لفطره والصوم والفطر في يوم واحد لا يحتمل الوصف بالتجزى فهو كما لو تعين بأكله .
( ولنا ) قوله المتطوع بالخيار ما لم تزل الشمس يعني المريد للصوم وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي كان إذا أصبح دخل على نسائه وقال هل عندكن شيء فإن قلن لا قال إني صائم وفي حديث عاشوراء أن النبي قال ومن لم يأكل فليصم فإن كان صوم عاشوراء نفلا فهو نص وإن كان فرضا فجواز الفرض بنية من النهار يدل على جواز النفل بطريق الأولى .
ولسنا نقول إن جهة الفطر قد تعينت بترك النية في أول النهار ولكن بقي الأمر مراعى ما بقي وقت الغداء فإن الصوم ليس إلا ترك الغداء في وقته على قصد التقرب وفوات وقت الغداء بزوال الشمس فإذا نوى قبل الزوال فقد ترك الغداء في وقته على قصد التقرب فكان صوما .
( قال ) ( ولو نوى التطوع بعد انتصاف النهار لم يكن صائما عندنا ) وعند الشافعي رحمه الله تعالى يكون صائما إذا نوى قبل غروب الشمس ولم يكن أكل في يومه شيئا قال لأن النفل غير مقدر شرعا بل هو موكول إلى نشاطه فربما ينشط فيه بعد الزوال وهو وقت الأداء كما قبله وشبهه بالصلاة فإن التطوع بالصلاة يجوز راكبا وقاعدا مع القدرة على القيام لأنه موكول إلى نشاطه .
( ولنا ) ما بينا أن الصوم ترك الغداء في وقته على قصد التقرب فإن العشاء باق في حق الصائم والمفطر جميعا ووقت الغداء ما قبل الزوال دون ما بعده فإذا لم ينو قبل الزوال لم يكن تركه الغداء على قصد التقرب فلا يكون صوما وأما في قضاء رمضان وكل صوم واجب في ذمته فسواء نوى قبل الزوال أو بعده لم يكن عنه ما لم ينو من الليل لأن ما كان دينا في ذمته لم يتعين لأدائه يوم ما لم يعينه فإمساكه في أول النهار قبل النية لم يتوقف عليه فلا