أيسر في خلاله فالأولى أن يتم صومه تطوعا وإن أفطر لم يلزمه القضاء إلا على قول زفر رحمه الله تعالى فإنه يقول بعد التبين واليسار هو في نفل صحيح حتى لو أتمه كان نفلا فيلزمه التحرز عن إبطاله والقضاء إن أبطله كما لو كان شروعه بنية النفل وكمن أحرم بحج مظنون وكمن تصدق على فقير على ظن أنه عليه ثم علم أنه ليس عليه لم يكن له أن يسترد .
( ولنا ) أن عمله كان في أداء الفرض أما في حق المكفر فقد كان واجبا عليه حين شرع ظاهرا وباطنا وكذلك في المظنون فإن المرء يخاطب بما عنده لا بما عند الله تعالى وذلك الفرض الذي شرع فيه قد سقط عنه شرعا فما بقي من النفل إنما بقي نظرا من الشرع له لا إيجابا عليه فالأولى له أن يتمه ولكن لا يلزمه شيء إن لم يتمه لأن الواجب عليه التحرز عن إبطال عمله وهو لم يبطل عمله بالفطر لأن عمله كان في أداء الفرض دون النفل وهو نظير النفل المشروع في كل يوم الأولى للمرء أن يأتي به ولا شيء عليه إن امتنع منه ثم الشروع في كونه ملزما لا يكون أقوى من النذر وإضافة النذر إلى ما هو واجب لا يفيد الإيجاب فالشروع أولى بخلاف الحج فإن ما أدى من الفرض قد سقط بالتبين ولكن لم يخرج به من الإحرام فالإحرام عقد لازم لا خروج منه إلا بأداء الأفعال ألا ترى أنه لو فاته الحج لا يخرج من الإحرام إلا بأعمال العمرة .
فإن أحصر في الحج المظنون فتحلل بالهدي فقد اختلف فيه مشايخنا منهم من يقول لا يلزمه قضاء شيء لأنه تم خروجه من الإحرام .
والأصح أنه يلزمه القضاء لأن الإحرام في الأصل لازم والتحلل بالإحصار لدفع الحرج والمشقة عنه ففيما وراء ذلك تبقى صفة اللزوم معتبرة بخلاف الصدقة لأنها تمت بالوصول إلى الفقير فوزانه ما لو أتم الصوم ثم تبين أنه ليس عليه وفي هذا لا يمكنه إبطاله .
( قال ) ( امرأة أصبحت صائمة متطوعة ثم أفطرت ثم حاضت فعليها القضاء عندنا ) وعند زفر رحمه الله تعالى لا قضاء عليها لأن الحيض الموجود في آخر النهار في منافاة الصوم كالموجود في أوله فتبين أن هذا اليوم لم يكن وقت أداء الصوم في حقها والشروع في غير وقت الصوم لا يكون ملزما شيئا كالشروع ليلا .
( ولنا ) أن شروعها في الصوم قد صح لاستجماع شرائط الأداء عند الشروع ثم بالإفساد وجب القضاء دينا في ذمتها والحيض بعد ذلك لا ينافي بقاء الصوم دينا وإنما يكون الحيض مؤثرا إذا صادف الصوم وهنا الحيض لم يصادف الصوم فاعتراضه ليلا أو نهارا سواء ولأن الشروع كالنذر .
ولو نذرت أن تصوم هذا اليوم ثم أفطرت ثم حاضت كان عليها القضاء فكذلك إذا