لأن حق المولى عند عجزه إنما ثبت في الكسب القائم في يده وذلك خرج من ملكه إلى ملك القابض بسبب صحيح فلا يثبت فيه حق المولى ولو أقرت المكاتبة على ولدها بدين وعلى الولد دين ببينة وفي يده مال قد اكتسبه فصاحب البينة أحق بماله لأن دينه ثابت بحجة هي حجة في حق الكل ودين الآخر إنما ثبت بإقرار المكاتبة وإقرارها ليس بحجة على غيرها فإن قضى صاحب البينة وفضل شيء كان للذي أقرت له الأم لأن الولد بمنزلة عبدها من حيث أنها أحق بكسبه إذا فرغ من دينه وقد أقرت بأن حق المقر له فيه مقدم على حقها فإن عجزت أو عتقت لم يلزم رقبة الولد من إقرارها شيء لأن بالعجز صار الولد عبدا للسيد فلا يجوز إقرارها عليه وبالعتق صار الولد حرا ولم يبق لها حق في كسبه فلا يجوز إقرارها عليه في ذمته ولا في كسبه ولو قتل الولد وهي مكاتبة وأخذت قيمته صرفت في الدين بمنزلة كسب خلفه الولد لأنها أحق بجميع ذلك فإن صرفت في الدين ثم عجزت لم يسترد من ذلك شيء من المقر له لما بينا أن حق المولى إنما ثبت بعد عجزها فيما بقي في يدها .
فأما المصروف إلى الدين فقد خرج من ملكها إلى ملك المقر له فلا يثبت حق المولى في شيء منه .
ولو غصب المكاتب عبدا فهلك عنده ضمن قيمته بالغة ما بلغت وكذلك سائر الأموال لأن ضمان الغصب بمنزلة ضمان العقد من حيث أنه يوجب الملك في المضمون والمكاتب في ذلك بمنزلة الحر بخلاف ضمان الجناية فإنه لا يجب على المكاتب بسبب الجناية إلا الأقل من قيمته ومن أرش الجناية اعتبارا للمكاتب بالقن وضمان المال بسبب الغصب والاستهلاك يجب على القن في ذمته بالغا ما بلغ وضمان الجناية لا يوجب على المولى إلا دفع الرقبة بها فكذلك في حق المكاتب فإن غصب المكاتب عبدا قيمته ألف درهم فصارت قيمته في يده ألفين ثم قتله وقتل آخر خطأ فمولى العبد بالخيار لأنه وجد من المكاتب في عبده سببان موجبان للضمان الغصب والقتل فكان له أن يضمنه بأي السببين شاء فإن اختار تضمينه بالقتل قضى على المكاتب بقيمته واقتسم المولى العبد المغصوب وولي الحر يضرب فيه المولى بألفي درهم قيمته وقت القتل وولي الحر بالدية لأنه لما اختار تضمينه بالقتل فقد أبرأه عن ضمان الغصب فيجعل كما لو قتله في يد مولاه وإن أراد المولى أن يضمنه بالغصب ضمنه قيمته يوم غصبه ألف درهم وقضى عليه لولي الحر بقيمة المكاتب بسبب جنايته على الحر ولا يشتركان في ذلك لأن ما وجب بسبب الغصب يكون دينا في ذمته وما وجب بسبب القتل يكون في رقبته فلا تتحقق المشاركة بينهما فيه بخلاف