الجناية الدين في ذمة المولى وليس على الوارث قضاء دين المورث من مال نفسه ولا على المعتق شيء من دين المعتق مدبر قتل دابة رجل وأحرق ثوب آخر فعليه السعاية في قيمة ذلك كله لأن جنايته على المال توجب الضمان دينا في ذمته يقضي من كسبه وسعايته ولكن يصير بهذا مأذونا له في التجارة حتى لا ينفذ سائر تصرفاته لأن انفكاك الحجر منه يتعمد الرضا له من المولى به صريحا أو دلالة ولم يوجد وحاله ها هنا كحال العبد المحجور عليه يلزمه دين بالاستهلاك فلا يصير به مأذونا ولكنه لو اكتسب كسبا أو وهبت له هبة فذلك كله مصروف إلى دينه فإن قضى به دين أحدهما كان للآخر أن يشارك فيه لأن القاضي لما قضى لهما موجبا الدين في ذمته فقد تعلق حقهما بكسبه فلا يملك تخصيص أحدهما بقضاء دينه وإبطال حق الآخر بمنزلة العبد المحجور عليه يخص بعض غرمائه بقضاء الدين من كسبه وهناك حق الباقين حق المشاركة معه ولو أن رجلا أعتق عبدا في مرضه ولا مال له غيره أو له مال غيره يخرج العبد من ثلثه ثم أن العبد قتل سيده خطأ فعليه أن يسعى في قيمتين في قول أبي حنيفة إحداهما رد الوصية فإن العتق في المرض وصية ولا وصية للقاتل والأخرى لأجل الجناية لأن المستسعى في قيمة عبده مكاتب وجناية المكاتب على مولاه خطأ كجناية الأجنبي فيلزمه قيمته كذلك وعند أبي يوسف ومحمد عليه قيمة واحدة لرد الوصية والدية على عاقلته لأن المستسعى عندهما حر عليه دين فجنايته خطأ تكون على عاقلته ولو أن عبدا جرح مولاه فأعتقه مولاه ثم مات من تلك الجراحة فإن كان المولى صاحب فراش سعى العبد في قيمته لورثته وإن كان المولى يجيء ويذهب فالعبد حر لا سبيل عليه لأنه إذا كان صاحب فراش فهو مريض والإعتاق منه بمنزلة الوصية ولا وصية لقاتل وإذا كان يذهب ويجيء فهو بمنزلة الصحيح ينفذ إعتاقه لا بطريق الوصية .
( ألا ترى ) أن رجلا لو جرح رجلا جراحة وأقر له بدين وهو يجيء ويذهب جاز وإن كان صاحب فراش لم يجز وحصل ذلك بمنزلة الوصية منه للقاتل ولو أن مدبرة قتلت مولاها خطأ وهي حبلى ثم ولدت بعد موته فلا سعاية على ولدها في شيء من قيمته لأنه وجب عليها السعاية في قيمتها لرد الوصية فكانت كالمكاتبة عند أبي حنيفة والمكاتبة إذا ولدت ولدا فالولد يدخل في كتابتها ويعتق بعتقها وليس عليه شيء من بدل الكتابة وعندهما هي حرة والولد ينفصل عنها حرا ولو جرحت مولاها ثم ولدت ثم مات المولى من تلك الجراحة فعليها السعاية في قيمتها لرد الوصية ويعتق الولد من الثلث لأن الولد انفصل عنها وهي مدبرة فإن المولى حي حين ولدت وهي إنما