إيجاب الكفارة بالقتل لا بصفة الخطأ لأنه عذر مسقط وربما يقول المراد بالخطأ ما يضاد الصواب قال الله تعالى إن قتلهم كان خطأ كبيرا أي ضد الصواب ويقال فلان أخطأ في مسألة كذا إذا لم يصب والعمد ضد الصواب فتتناوله الآية والدليل عليه قوله تعالى ! < فإن كان من قوم عدو لكم > ! الآية وإنما يقتل المرء عدوه عمدا فعرفنا أن المراد إيجاب الكفارة بقتل العمد وفي حديث واثلة بن الأسقع قال أتينا رسول الله بصاحب لنا أوجب القتل بالنار فقال عليه السلام أعتقوا عنه رقبة يعتق الله تعالى بكل عضو منها عضوا منه من النار وإيجاب النار إنما يكون بقتل العمد والمعنى فيه أنه قتل آدمي مضمون فيكون موجبا للكفارة كالخطأ وشبه العمد وهذا على أصله صحيح لأن إثبات الكفارة بالقياس جائز والزيادة على النص بالقياس جائزة عنده وقياس المنصوص على المنصوص مستقيم عنده وشيء من ذلك لا يجوز عندنا صحيح علينا نفصل الخطأ على طريق الاستدلال وهو أن الكفارة إنما وجبت على الخاطئ لأنه نقص بفعله من عدد المسلمين أحدهم ممن كان يحضر الجمعة والجماعات فعليه إقامة نفس مقامها وليس في وسعه ذلك بطريق الإحياء فألزمه الشرع ذلك بطريق التحرير لأن الحرية حياة والرق تلف في حق أحكام الدنيا وفي هذا المعنى العامد والمخطئ سواء وحجتنا في ذلك قوله تعالى ! < ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها > ! فهذا يقتضي أن يكون المذكور في الآية جميع أجزائه ولو أوجبنا عليه الكفارة لكان المذكور بعض جزئه فيكون فسخا لهذا الحكم ولا وجه لحمل الآية على المستحل لأن المذكور في الآية جزاء قتل العمد وإذا حمل على المستحل كان المذكور جزأ لرده وتبين بهذه الآية أن المراد بقوله ! < ومن قتل مؤمنا خطأ > ! الخطأ الذي هو ضد القصد لأنه عطف عليه العمد ولا يعطف الشيء على نفسه ولأنه قابله بالعمد ومتى قوبل الخطأ بالعمد فالمراد ما يضاد القصد قال الله تعالى ! < وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به > ! ولأنه استثنى الخطأ من التحريم بقوله إلا خطأ والاستثناء من التحريم إباحة فلو حمل هذا على ضد الصواب أدى إلى أن يكون القتل الصواب هو المحرم وهذا محال فعرفنا أن المراد الخطأ الذي هو ضد القصد فإن أصل ذلك الفعل غير محرم لكونه رمى إلى قصد الصيد أو الحربي لكنه باتصاله بالمحل المحترم يصير محرما ولكن لا يلحقه إثم نفس الفعل لكونه موضوعا عنه كما قال تعالى ! < وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به > ! وإنما يلحقه به نوع مأثم بسبب ترك التحرز والكفارة تلزمه لمحو ذلك الإثم والإثم في حق قاتل العمد ليس من ذلك الجنس حتى تمحوه الكفارة ثم أن الله تعالى ذكر أنواع قتل الخطأ ما يكون منه بين المسلمين وما يكون في دار الحرب لقوله تعالى ! < فإن كان من قوم عدو لكم > !