وكان استحقاق ذلك كان منه عند الغاصب فيرجع المولى به على الغاصب إلا أن تكون قيمته أقل من ذلك فحينئذ لا يرجع إلا بقدر القيمة لأن الغاصب إنما يصير ضامنا باعتبار أن الرد لم يسلم فيجعل كالهالك في يده .
قال وإذا قتل المدبر رجلا خطأ ثم غصبه رجل فقتل عنده رجلا عمدا ثم رده إلى المولى فإنه يقتل قصاصا وعلى المولى قيمته لصاحب الخطأ بالجناية التي كانت منه عند المولى ويرجع على الغاصب بقيمته لأنه قتل بجناية كانت منه عند الغاصب فلم يسلم الرد للمولى فإن عفا أحد وليي العمد كانت القيمة بينهم أرباعا في قول أبي يوسف ومحمد وأثلاثا في قول أبي حنيفة .
ثم يرجع على الغاصب بما أخذه صاحب العمد منه لأن ذلك القدر استحق بجنايته عند الغاصب ثم يدفع ذلك إلى صاحب الخطأ لأن حقه كان يثبت في جميع القيمة فلا يسلم للمولى شيء من قيمته ما لم يصل إليه كمال حقه ولو قتل عند الغاصب أولا رجلا عمدا ثم رده إلى المولى فقتل عنده رجلا خطأ بعد ما عفا أحد وليي الدم فعلى المولى قيمته كما بينا ثم يرجع على الغاصب بما أخذه الذي لم يعف من ولي العمد فيدفعه إلى صاحب العمد الذي لم يعف إلى تمام نصف القيمة لأن حقه لما ثبت في نصف القيمة فعليه أن يدفع إليه ما يأخذه من قيمته حتى يصل إليه كمال حقه في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ثم يرجع بمثله على الغاصب لأن قبضه ينتقض فيما يستحق من يده بجنايته عند المولى أو عند الغاصب وإذا غصب رجل مدبرا فأقر عنده بقتل رجل عمدا وزعم أن ذلك كان عند المولى أو عند الغاصب فهو سواء وإذا قتل بذلك بعد الرد فعلى الغاصب قيمته لأنه مصدق في الإقرار غير مصدق في الإسناد وإنما استحق نفسه بسبب كان منه عند الغاصب وهو الإقرار فيظهر به أن الرد لم يسلم للمولى ولو عفا أحد الوليين فلا شيء للآخر لأن الآخر لو استحق المال إنما يستحقه بإقراره وإقرار المدبر والقن في الجناية التي توجب الإرش باطل لأن ذلك إقرار منه على مولاه ولو كان أقر عند الغاصب بسرقة أو ارتد عن الإسلام ثم إنه رده فقتل في الردة فعلى الغاصب قيمته أو قطع في السرقة فعلى الغاصب نصف قيمته لأن استحقاق ذلك بإقرار كان منه عند الغاصب بمنزلة استحقاقه بمباشرة سببه عند الغاصب .
قال وقياس هذا عندي البيع لو باع عبدا مرتدا فقتل عند المشتري يرجع بجميع الثمن وكذلك لو باعه وقد أقر بقتل عمدا في قول أبي حنيفة رحمه الله وفي قول أبي يوسف ومحمد في البيع خاصة يقوم مرتدا أو غير مرتد وسارقا أو غير سارق فيرجع بحصة ذلك من الثمن وقد بينا الفرق لهما بين الغصب والبيع في كتاب البيوع ولو قتل المدبر عند