للمغصوب منه في يده وقد ملك الأمة بالضمان وقد بينا أن جناية الأمانة على مال الأمين معتبرة فيخير المولى بين الدفع أو الفداء لذلك قال ولو غصب رجلان عبدا فقتل في يدهما قتيلا ثم قتل أحدهما قيل للمولى ادفعه إلى أولياء القتيلين نصفين فمن قال من أصحابنا رحمهم الله أن على قول أبي حنيفة رحمه الله جناية المغصوب على الغاصب معتبرة وإنما لا يعتبر جنايته على مال الغاصب بما يستدل به في هذه المسألة فإنه جعل جنايته على أحد الغاصبين كجنايته على الأجنبي حيث قال العبد بينهما نصفان ومن يقول جنايته على الغاصب هدر عنده يقول هذا الجواب قولهما .
فأما في قياس قول أبي حنيفة ينبغي أن يسلم ثلاثة أرباع العبد للأجنبي وربعه لولي الغاصب المقتول لأن الجناية عليه إنما تعتبر من النصف الذي هو غير مضمون عليه أما من النصف الذي هو مضمون عليه لا تعتبر عنده لأن ضمان الغصب بمنزلة الملك فهو كجناية العبد المشترك على أحد الشريكين خطأ ثم إذا دفع العبد إلى أولياء القتيلين رجع على الغاصبين بقيمته لأن الرد لم يسلم فيدفع نصفها إلى ولي قتيل الأول لأنه استحق جميع العبد فارغا ولم يسلم له إلا النصف وقد فات النصف الآخر وأخلف بدلا ثم يرجع به على الغاصب الأول يعني الحي منهما وفي مال الغاصب المقتول لأن ذلك استحق بيده بجناية كانت عندهما فيكون ذلك له ولا يرجع فيها واحد من الغاصبين بشيء لأن حق الغاصب المقتول ما يثبت إلا في النصف العبد فإنه جنى عليه وهو مشغول بالجناية الأولى وقد سلموا له نصفه والله أعلم .
$ باب جناية المكاتب $ ( قال رحمه الله ) وإذا جنى المكاتب جناية خطأ فعليه أن يسعى في الأقل من إرشها ومن قيمتها يوم جنى لأن المكاتب أحق بمكاسبه بمنزلة الحر ولا عاقلة له وهذا بخلاف المدبر وأم الولد فإن بجنايتهما تجب القيمة على المولى لأن الحق في كسبهما للمولى هناك يوضح الفرق أن المولى صار مانعا دفع الرقبة هناك بالتدبير السابق وها هنا المكاتب صار مانعا دفع رقبته بقبول عقد الكتابة فيكون عليه موجب الجناية فإن قيل لا بل المولى صار مانعا دفع رقبته بإيجاب الكتابة قلنا لا كذلك فإنه لا يتعذر دفع الرقبة بإيجابه ها هنا وإنما يتعذر بقبول المكاتب ثم لا يتعذر الدفع بمجرد عقد الكتابة بل باستبراء أمته لأنه بعد الفسخ يمكن دفعه بالجناية واستبراء أمة لمكاتب دون المولى فإن للمكاتب أن يعجز نفسه فيفسخ العقد وليس للمولى