فإن حرمة الجماع فيه أقوى حتى لا يرتفع بالحلق .
والدليل على المساواة هنا فصل الناسي فقد جعلنا النص الوارد في الأكل حال النسيان كالوارد في الجماع فكذلك يجعل النص الوارد في إيجاب الكفارة بالمواقعة كالوارد في الأكل والدواعي تبع فلا تتكامل به الجناية .
ثم حاصل المذهب عندنا أن الفطر متى حصل بما يتغذى به أو يتداوى به تتعلق الكفارة به زجرا فإن الطباع تدعو إلى الغذاء وكذلك إلى الدواء لحفظ الصحة أو إعادتها .
فأما إذا تناول ما لا يتغذى به كالتراب والحصاة يفسد صومه إلا على قول بعض من لا يعتمد على قوله فإنه يقول حصول الفطر بما يكون به اقتضاء الشهوة .
ولكنا نقول ركن الصوم الكف عن إيصال الشيء إلى باطنه وقد انعدم ذلك بتناول الحصاة ثم لا كفارة عليه إلا على قول مالك رحمه الله تعالى فإنه قال هو مفطر غير معذور قال وجنايته هنا أظهر إذ لا غرض له في هذا الفعل سوى الجناية على الصوم بخلاف ما يتغذى به .
ولكنا نقول عدم دعاء الطبع إليه يغني عن إيجاب الكفارة فيه زاجرا كما لم نوجب الحد في شرب الدم والبول بخلاف الخمر ثم تمام الجناية بانعدام ركن الصوم صورة ومعنى فانعدام معنى ما يحصل به اقتضاء الشهوة إذا انعدم لم تتم الجناية وفي النقصان شبهة العدم والكفارة تسقط بالشبهة .
( قال ) ( وإن جامعها ثانيا في الشهر فعليه كفارة واحدة عندنا ) وعند الشافعي رحمه الله تعالى عليه كل يوم كفارة قال لأن السبب تقرر في اليوم الثاني وهو الجماع المعدم للصوم أو الفطر الذي هو جناية على الصوم فوجبت الكفارة ثم الكفارات لا تتداخل كما في سائر الكفارات فإن معنى العبادة فيها راجح حتى يفتى بها وتتأدى بما هو عبادة والتداخل في العقوبات المحضة .
( ولنا ) حرفان أحدهما أن كمال الجناية باعتبار حرمة الصوم والشهر جميعا حتى أن الفطر في قضاء رمضان لا يوجب الكفارة لانعدام حرمة الشهر وباعتبار تجدد الصوم لا تتجدد حرمة الشهر ومتى صارت الحرمة معتبرة لإيجاب الكفارة مرة لا يمكن اعتبارها لإيجاب كفارة أخرى لأنها تلك الحرمة بعينها .
( والثاني ) أن كفارة الفطر عقوبة تدرأ بالشبهات فتتداخل كالحدود وبيان الوصف أن سبب الوجوب جناية محضة على حق الله تعالى والجنايات سبب لإيجاب العقوبات .
والدليل عليه سقوطها بعذر الخطأ بخلاف سائر الكفارات .
( قال ) ( فإن أفطر في يوم وكفر ثم أفطر في يوم آخر فعليه كفارة أخرى ) إلا في رواية زفر عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى فإنه يقول يكفيه تلك الكفارة لاعتبار اتحاد حرمة الشهر وهو قياس من تلى آية السجدة في مجلس وسجد ثم