القتل لا تختلف في الملك وغير الملك كالدم وإذا سقط الرجل في بئر في الطريق فقال الحافر ألقى نفسه فيها عمدا وقال ورثة الرجل كذب فالقول قول الحافر وهذا قول أبي يوسف الآخر وهو قول محمد وكان يقول أولا القول قول الورثة لأن الظاهر يشهد لهم فالإنسان لا يلقى نفسه في البئر عمدا في العادة فعند المنازعة القول قول من يشهد له الظاهر ثم رجع فقال الضمان بالشك لا يجب والظاهر إنما يكون حجة لدفع الاستحقاق لا لإثبات الاستحقاق وحاجة الورثة ها هنا إلى الإستحقاق وهو استحقاق الدية على عاقلة الحافر فلا يكفيهم الظاهر لذلك بل يحتاجون إلى إقامة البينة على أنه وقع فيها بغير عمد وهذا الظاهر يقابله ظاهر آخر وهو أن الظاهر أن البصير يرى البئر أمامه في ممشاه فيتقابل الظاهران ويبقى الاحتمال في سبب وجوب الضمان فلا نوجبه بالشك وإذا أمر المولى عبده أن يحفر بئرا في الطريق ليس عند داره فحفرها كان ما وقع فيها في رقبة العبد يدفعه به المولى أو يفديه وقد بينا الفرق بين هذا وبين الحر من حيث أن الغرور لا يتمكن بين المولى وبين عبده ولو استأجر عبدا محجورا عليه وحرا ومكاتبا يحفرون له بئرا فحفروها فوقعت عليهم من حفرهم فماتوا فلا ضمان على المستأجر في الحر والمكاتب وهو ضامن لقيمة العبد المحجور عليه يؤديها إلى مولاه لأنه صار غاصبا للعبد بالاستعمال والعبد المحجور يضمن بالغصب بخلاف الحر والمكاتب فهو ضامن فإذا ماتوا في حالة ما كان مستعملا لهم كان عليه ضمان قيمة العبد ثم هذه القيمة بدل عن العبد والعبد الجاني إذا أخلف بدلا يتعلق حق أولياء الجناية بذلك البدل فنقول في بيان حكم الجناية أن موتهم حصل من فعلهم فكل واحد منهم يكون جانيا على نفسه وعلى صاحبه فينقسم فعل كل واحد منهم أثلاثا فالعبد المحجور أتلف ثلث الحر فيرجع وليه بثلث دية الحر في قيمة العبد وأتلف ثلث المكاتب فيرجع ولي المكاتب بثلث قيمة المكاتب في تلك القيمة فيقسمون القيمة التي أخذها مولاه على ذلك إلا أن تكون القيمة أكثر فيكون الفضل للمولى لأن كل واحد منهما استوفى كمال حقه ثم يرجع المولى على المستأجر بما أخذوا منه من القيمة لأنه كان غصب العبد فارغا وقد رد عليه القيمة مشغولا بجناية كانت من العبد في يده فإذا استحقت بذلك الشغل كان له أن يرجع بها مرة أخرى لتسلم له قيمة عبده فارغا ثم المستأجر قد ملك العبد حين تقرر عليه ضمانه من وقت الغصب وقد تلف ثلث نفسه بجنايته على نفسه فيكون هدرا وثلثه بجناية الحر عليه فيرجع المستأجر على عاقلة الحر بثلث قيمة العبد وكذلك أولياء