كان الرجوع منه في المرض وعليه دين في الصحة بين بدئ بدين الصحة لأن رجوعه إقرار على نفسه بالدية والمريض إذا أقر على نفسه وعليه دين في صحته بدئ بدين الصحة .
ولو شهد شاهد أن على دم عمد ولهما على المقتول دين أجزت شهادتهما لأنهما يثبتان القود بشهادتهما ولا منفعة لهما في ذلك الدم .
فإن رجعا عن شهادتهما بعد القتل ضمنا الدية ويقبضان دينهما من الثلث فإن كان على الميت دين سوى ذلك خاصهم فيه .
قال الحاكم رحمه الله ( ولا تصح هذه المسألة أن يحمل على أن الدين على المقتول قصاصا ) وهو كما قال فإن الدين إذا كان لهما على الأول والدية عند الرجوع تجب عليهما للمقتول قصاصا فكيف يستوفيان دينهما من هذه الدية وإن كان دينهما على المقتول قصاصا فبدل نفسه واجب عليهما عند الرجوع ودينه يقضى من بدل نفسه والله أعلم بالصواب .
$ باب جناية الصبي والمعتوه $ ( قال رحمه الله ) ( وإذا أمر الصبي الحر الصبي الحر أن يقتل إنسانا فقتله فالدية على عاقلة القاتل وليس على الآمر شيء ) لأن قول الصبي هدر فيما يلزمه الغرم فيكون وجوده كعدمه فبقي مباشرة القتل من الصبي القاتل ولو أمر رجل صبيا فقتل رجلا كانت الدية على عاقلة الصبي كمباشرته القتل باختياره يرجعون بها على عاقلة الآمر لأن الآمر جان في استعماله الصبي وأمره إياه بالقتل وهو الذي تسبب لوجوب الضمان على عاقلة الصبي فثبت لهم حق الرجوع بها على عاقلته .
فإن قيل أمره قول وما يجب على المرء بقوله من ضمان الجناية لا تعقله العاقلة .
قلت متمثلا نعم إذا كان ذلك القول خبرا محتملا الصدق والكذب ليكون محمولا على الكذب في حق العاقلة فأما إذا كان ذلك أمرا فلا تردد في كونه تسببا واستعمالا .
وإذا ثبت السبب في حق العاقلة ثبت الحكم وإذا أعطى الرجل صبيا عصا أو سلاحا يمسكه له ولم يأمره فيه بشيء فعطب الصبي بذلك بأن سقط من يده فوقع على رجله فمات فضمانه على عاقلة الرجل لأنه جان في استعمال الصبي في إمساك ما دفع إليه وهو سبب لهلاكه متعد في ذلك السبب .
وإن قتل الصبي نفسه بذلك أو قتل رجلا لم يضمن الدافع شيئا لأنه أمره بإمساكه لا باستعماله وإنما وجب الضمان على عاقلته لاستعماله وهو مختار في ذلك غير مأمور به من جهة الدافع فكذلك إذا قتل به نفسه فإنما تلف باستعماله لا بإمساكه بخلاف ما إذا وقع على رجله لأنه ثمة