إن شئت وقال واضربه ضربة كما ضربني .
وفي رواية وإياك والمثلة فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المثلة ولو بالكلب العقور ولا يقال إنما قتله لأنه كان مريدا مستحلا لقتله إمام المسلمين على ما روي أنه قتله وهو يتلو قوله تعالى ! < ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله > ! 207 لأنه وإن كان إمام المسلمين وكان قتله ذنبا عظيما فلا يصير به القاتل مرتدا إنما ذلك للأنبياء خاصة واستحلاله كان بالتأويل فإنه كان من جملة أهل البغي وهم يستحلون دماء أهل العدل وأموالهم .
( ألا ترى ) أنه علقه عتبة فقال اقتله إن شئت وأخره إلى ما بعد موته .
ولو كان مرتدا لما أخر علي قتله ولا يقال قتله حد السعية في الأرض بالفساد حتى قتل إمام المسلمين لأن الساعي بالفساد بقتل الإمام لا يقتل قصاصا .
( ألا ترى ) أنه اعتبر المماثلة بقوله فاضربه ضربة كما ضربني .
وقد ذكر المزني عن الشافعي قال قتل بن ملجم عليا متأولا فأقيد به فدل أنه قتل قصاصا .
ولا يقال قتله بغير رضا الكبار من ورثته فقد قال له الحسين لا تقتله بيننا فإنا لا نجعله سواء بيننا وبالاتفاق عند إباء بعض الكبار وليس للبعض حق الاستيفاء وروي أنه مثل به مع نهي علي إياه عن المثلة فبه تبين أنه ما قتله قصاصا وهذا لأن الحسين رضي الله عنه إنما قال ما قال على وجه الإهانة والاستخفاف به لا على وجه كراهة قتله قصاصا والمثلة ما كانت عن قصد من الحسن ولكنه لما رفع السيف ليضربه أبقاه بيده فأصاب السيف أصابعه وبهذا لا يخرج من أن يكون قتله إياه استيفاء للقصاص .
والمعنى فيه أن حق الكبير ثابت في استيفاء جميع القصاص وليس في استيفائه شبهة عفو متحقق فيتمكن منه كما لو كان الوارث واحدا وإنما قلنا ذلك لأن القصاص يجب للورثة على سبيل الخلافة عن المورث فإن وجوبه بعد موت المقتول وقد خرج المقتول من أن يكون أهلا لوجوب الحق له بعد موته إلا أن ما يحصل فيه مقصوده من قضاء الدين وتنفيذ الوصية يجعل كالواجب له حكما وهو الدية فأما ما لم يحصل به مقصود المقتول فيجعل واجبا للوارث الذي هو قائم مقامه والمقصود بالقود تشفي الغيظ ودفع سبب الهلاك عن نفسه وذلك يحصل للوارث فعرفنا أنه يجب له ولكن على سبيل الخلافة لأن السبب انعقد على حق الميت وقد خرج عن ثبوت الحكم من أن يكون أهلا للوجوب له فيجب للولي القائم مقامه كما يثبت الملك للمولى في كسب العبد إثباتا على سبيل الخلافة عن العبد ولهذا قلنا إذا انقلب مالا ثبت فيه حق الميت لأن قضاء حوائجه يحصل به وهو بمنزلة الموصي له بالثلث لا حق له في القصاص فإذا انقلب مالا يثبت حقه فيه وأيد ما قلنا قوله تعالى ! < فقد جعلنا لوليه سلطانا > ! 33