الذي لم يعف ولو قتله غير الولي بغير أمر الولي عمدا أو خطأ بطل دم الأول ولا شيء لوليه ويكون على القاتل الآخر القصاص في العمد والدية على عاقلته في الخطأ لأن حرمة نفسه في حق غير الولي قائمة كما كانت وسقط حق المولى لفوات محله وقد بينا أن الثابت في حقه إباحة الاستيفاء أو الملك في حق الاستيفاء خاصة وذلك لا يتحول إلى البدل كملك الزوج في زوجته لا يثبت فيه البدل إذا وطئت بالشبهة .
وإذا قتله فقال الولي أنا كنت أمرته فإن أقام بينة على هذا فلا شيء على القاتل الثاني لأن الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة .
فإن لم يكن له بينة فعليه القصاص في العمد والدية على عاقلته في الخطأ لأنه أقر بما لا يملك استيفاءه لأن حقه قد سقط لفوات المحل فهو فيما يدعي بعد ذلك كأجنبي آخر وبدل نفس المقتول الثاني واجب لورثته لا قول لولي الأول في إسقاط حقهم قصاصا كان أو مالا والله أعلم بالصواب .
$ باب العفو في الخطأ وغير ذلك $ ( قال رحمه الله ) ( رجل قتل رجلا خطأ فالدية بين جميع الورثة والموصى له بالثلث كسائر التركة ) لأن الدية مال هو بدل نفسه فيكون تركة له بعد موته كسائر أمواله وقد بينا الاختلاف في الزوج والزوجة وقد كان في السلف من يقول لا شيء للأخوة للأم من الدية وإنما الدية للعصبات خاصة وقيل هو قول عمر رضي الله عنه الأول ولهذا ذكر في الأصل عن علي رضي الله عنه أنه كان ينسب عمر رضي الله عنه إلى الظلم مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أينما دار عمر فالحق معه وفي رواية أينما دار الحق فعمر معه وقد صح رجوع عمر عن هذا حيث روى له الضحاك بن سفيان الكلابي الحديث كما روينا ولا حق للموصى له بالثلث في دم العمد لأن موجبه القصاص وليس بمال ولا يحتمل التمليك بالعقد وكما لا يثبت له حق الشركة في الاستيفاء فكذلك لا يعتبر عفوه فيه .
فإن صولح القاتل على مال دخل فيه الموصي له لأنه الواجب بدل نفسه فيكون تركة له يقضي منه ديونه وينفذ وصاياه بمنزلة الواجب في قتل الخطأ ثم هو شريك الورثة في التركة فيجوز عفوه بعد الصلح في نصيبه كما يجوز عفو الوارث وليس للغرماء عفو في عمد ولا خطأ أما العمد فلأن موجبه ليس بمال ولا حق للغرماء فيه وأما الخطأ فلأنه ليس في عفوهم عن الدية إسقاط شيء من ديتهم وإنما ولاية التصرف لهم في محل حقهم فإذا لم يلاق هذا التصرف منهم محل حقهم كان باطلا .
وإذا عفا الرجل عن دمه وهو