إنسان فشلت بجنبها أخرى وهذا لأن كل أصبع محل على حدة ووجوب الأرش بالفعل في أحد المحلين لا يمنع وجوب القصاص بالفعل في المحل الآخر وهنا المحل كله واحد فإذا خرج آخره من أن يكون موجبا للقصاص يخرج أوله من أن يكون موجبا .
فأما في العين إذا ذهب نورها بالضربة ولم تخسف فعليه القصاص وصورته أن تحمي له مرآة ثم تقرب منها حتى يذهب نورها ويربط على عينه الأخرى وعلى وجهه قطن هكذا روي عن علي رضي الله عنه فإن هذه الحادثة وقعت في زمن عثمان رضي الله عنه فشاور الصحابة في ذلك فلم يجد عندهم شيئا حتى قضى علي رضي الله عنه بالقصاص وبين طريق الاستيفاء بهذه الصفة فاتفقوا على قوله فأما إذا انخسفت أو قلعت الحدقة فلا قصاص فيها لأنه لا يتأنى اعتبار المماثلة في السن والمحل فهو بمنزلة كسر العظم وأنه لا يتعلق به القصاص .
وإذا أحرق رجل رجلا بالنار فعليه القصاص لأن النار تعمل عمل السلاح في تفريق الأجزاء والتأثير في الظاهر والباطن ثم يقتله المولى بالسيف عندنا .
وعند الشافعي يقتله بمثل ما قتله به .
والدليل على أنه لا يحرقه بالنار قوله عليه السلام لا يعذب بالنار إلا ربها وقال لا تعذبوا بعذاب الله أحدا .
وإذا طعنه برمح لا سنان له فأجافه فمات فعليه القصاص لوجود الجرح في الظاهر والباطن وقد بينا أن غير الحديد إذا كان يعمل عمل الحديد في القطع والجرح فالفعل به يكون عمدا محضا .
وكذلك لو شق بطنه بعود أو ذبحه بقصبة فهو بمنزلة السلاح يجب القصاص به وفي مثقل الحديد والنحاس اختلاف الروايات كما بينا والكلام في القتل بالحجر والعصا قد تقدم .
( وإذا غرق رجل رجلا في ماء فلا قصاص عليه وإن كان يعلم أنه لا ينقلب منه بلغنا ذلك عن عمر رضي الله عنه ) ومراده الحديث الذي روينا في كتاب الإكراه .
وعلى قول أبي يوسف ومحمد يجب عليه القصاص إذا جاء من ذلك ما يعلم أنه لا يعيش من مثله بمنزلة القتل بالحجر الكبير على قولهم ويعتمدون فيه قول النبي عليه الصلاة والسلام من غرق غرقناه ومن حرق حرقناه .
ولكن أبو حنيفة قال هذا لا يثبت مرفوعا وإنما هذا كلام زياد ذكره في خطبه .
( ألا ترى ) أنه قال فيه ومن قتل عبده قتلناه وبالإجماع من قتل عبده لا يقتل ثم الماء ليس في معنى السلاح .
( ألا ترى ) أنه لا يؤثر في تفريق الأجزاء في الظاهر فهو بمنزلة الحجر والعصا على قولهم .
يوضحه أن الغريق يجتذب الماء بنفسه فيكون كالمعين على نفسه فيكون ذلك شبهة في إسقاط القود .
ولو خنق رجلا فمات أو طرحه في بئر أو ألقاه على ظهر جبل أو سطح فمات لم يكن فيه قصاص عند أبي حنيفة .
وعندهما إذا كان