تلك النية كالقائمة حكما فأما النية بعد طلوع الفجر لصوم رمضان تجوز في قول علمائنا رحمهم الله تعالى .
وعلى قول الشافعي رحمه الله تعالى لا تجوز .
وفي الكتاب لفظان أحدهما إذا نوى قبل الزوال .
والثاني إذا نوى قبل انتصاف النهار وهو الأصح فالشرط عندنا وجود النية في أكثر وقت الأداء ليقام مقام الكل وإذا نوى قبل الزوال لم يوجد هذا المعنى لأن ساعة الزوال نصف النهار من طلوع الشمس ووقت أداء الصوم من طلوع الفجر .
فالشافعي رحمه الله تعالى استدل بقوله لا صيام لمن لم يعزم الصيام من الليل والعزم عقد القلب على الشيء فإذا لم ينعقد قلبه على الصوم من الليل لا يجزئه .
والمعنى فيه أن القصد والعزيمة عند أول جزء من العبادة شرط ليكون قربة كالصلاة وسائر العبادات فإذا انعدم ذلك لم يكن ذلك الجزء قربة وما بقي لا يكفي للفريضة لأن المستحق عليه صوم يوم كامل بخلاف النفل فإنه غير مقدر شرعا فيمكن أن يجعل صائما من حين نوى مع أن مبنى النفل على المسامحة والفرض على الضيق ألا ترى أن صلاة النفل تجوز قاعدا مع القدرة على القيام وراكبا مع القدرة على النزول بخلاف الفرض .
( ولنا ) حديث عكرمة عن بن عباس رضي الله عنهما أن الناس أصبحوا يوم الشك على عهد رسول الله فقدم أعرابي وشهد برؤية الهلال فقال رسول الله أتشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فقال نعم فقال الله أكبر يكفي المسلمين أحدهم فصام وأمر الناس بالصيام وأمر مناديا فنادى ألا من كان أكل فلا يأكلن بقية يومه ومن لم يأكل فليصم .
وتأويل حديثه أن المراد هو النهي عن تقديم النية على الليل ثم هو عام دخله الخصوص بالاتفاق وهو صوم النفل فنحمله على سائر الصيامات بالقياس وهو أن هذا يوم صوم فالإمساك في أول النهار يتوقف على أن يصير صوما بالنية قبل الزوال كالنفل وهذا لأن الصوم ركن واحد وهو الإمساك من أول النهار إلى آخره فإذا اقترنت النية بأكثره ترجح جانب الوجود على جانب العدم فيجعل كاقتران النية بجميعه ثم اقتران النية بحالة الشروع ليس بشرط في باب الصوم بدليل جواز التقديم فصارت حالة الشروع هنا كحالة البقاء في سائر العبادات وإذا جاز نيته متقدمة دفعا للحرج جاز نيته متأخرة عن حالة الشروع بطريق الأولى لأنه إن لم تقترن بالشروع هنا فقد اقترنت بالأداء ومعنى الحرج في جنس الصائمين لا يندفع بجواز التقديم ففي الصائمين صبي يبلغ نصف الليل وحائض