عليهم بعد ذلك وتأثيره أنه يحتمل أنهم قصدوا بالشهادة تأكيد تلك البراءة وأن الولي قصد بتلك البراءة تصحيح شهادتهم له وكذلك تتمكن تهمة المواضعة بينهم وبين الولي فتواضعهم على أن يدعي على غيرهم ليشهدوا له فلتمكن التهمة من هذا الرجل امتنع قبول الشهادة لأنها ترد بالتهمة .
وإن ادعى أهل المحلة على رجل من عندهم أنه هو الذي قتله وأقاموا عليه بينة من غيرهم قبلت بينتهم لأنهم يسقطون بهذه البينة الخصومة عن أنفسهم ومن ادعى نفي الخصومة عن نفسه وأثبته بالبينة كان مقبولا منه كما لو أقام ذو اليد البينة أن العين وديعة في يده لفلان ثم ادعاه الأولياء على ذلك الرجل أخذوه بالدم .
وإن لم يدعوا عليه ذلك لم يكن عليه ولا على أهل المحلة شيء لأن أهل المحلة خصماء في إسقاط القسامة والدية عن أنفسهم لا في إثبات موجب القتل على غيرهم إنما الخصم في ذلك الولي فلا بد من دعواه ليقضى بموجب القتل على ذلك الرجل وإذا وجد بدن القتيل أو أكثر من نصف البدن أو نصف البدن ومعه الرأس في محلة فعلى أهلها القسامة والدية لأن هذا قتيل وجد في محلتهم وللأكثر حكم الكمال .
وإن وجد نصفه مشقوقا بالطول أو وجد أقل من النصف ومعه الرأس أو وجدت رجله أو يده أو رأسه فلا شيء عليهم فيه لأن الموجود ليس بقتيل إذ الأقل لا يجعل بمنزلة الكل ثم هذا يؤدي إلى تكرار القسامة والدية في قتيل واحد فإنا لو أوجبنا بوجود النصف في هذه المحلة القسامة والدية على أهلها لم نجد بدا من أن نوجب إذا وجدنا النصف الآخر في محلة أخرى القسامة والدية على أهلها وتكرار القسامة والدية في قتيل واحد غير مشروع وهذا نظير ما تقدم في حكم الصلاة عليه .
وإذا وجد العبد أو المكاتب أو المدبر أو أم الولد قتيلا في محلة وجبت القسامة والقيمة على عاقلتهم في ثلاث سنين لأن القيمة في المماليك بمنزلة الدية في الأحرار ولنفس المملوك من الحرمة ووجوب الصيانة عن الهدر ما لنفس الحر بدليل مباشرة القتل وأما الدواب والبهائم والعروض فلا قسامة فيها ولا قيمة لأنه مال مبتذل ليس له من الحرمة ما للنفس ولا تجب صيانته عن الإهدار لا محالة وفي الحكم الثابت شرعا بخلاف القياس إنما يلحق بالمنصوص ما يكون في معناه من كل وجه فأما ما ليس في معناه من كل وجه فلا يلحق به .
وإن وجد فيهم جنين أو سقط فليس عليهم شيء لأن هذا بمنزلة الجزء من وجه كاليد والرجل .
وإن كان تاما وبه أثر فهو قتيل وفيه القسامة والدية لأن لنفس الصغير من الحرمة ما لنفس الكبير فكان هذا في معنى المنصوص عليه من كل وجه .
ولو وجد الحر قتيلا في دار أبيه أو أمه أو المرأة في دار زوجها